كلام ابن الله حسب ما دونته الاناجيل الأربعة
1-
انجيل
متى
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «اسْمَحِ الآنَ،
لأَنَّهُ هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ».
.
فَأَجَابَ وَقَالَ: «مَكْتُوبٌ: لَيْسَ
بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ
فَمِ اللهِ
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَيْضًا: لاَ
تُجَرِّب الرَّبَّ إِلهَكَ
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ!
لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ
فَقَالَ لَهُمَا: «هَلُمَّ وَرَائِي
فَأَجْعَلُكُمَا صَيَّادَيِ النَّاسِ
«طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ،
لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.
طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ.
طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ
الأَرْضَ.
طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ،
لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ.
طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ.
طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ
يُعَايِنُونَ اللهَ.
طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ
أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ.
طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ،
لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.
طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ
وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ.
اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ
عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ
قَبْلَكُمْ.
«أَنْتُمْ مِلْحُ
الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ
بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ.
أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ
تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل،
وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ
الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي
الْبَيْتِ.
فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ،
لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي
السَّمَاوَاتِ.
«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي
جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ
لأُكَمِّلَ.
فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ
تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ
وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.
فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هذِهِ الْوَصَايَا
الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هكَذَا، يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ
السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ
السَّمَاوَاتِ.
فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ
يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا
مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ.
«قَدْ سَمِعْتُمْ
أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ
الْحُكْمِ.
وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ
مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلًا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ
قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا
أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.
فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ،
وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ،
فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ
الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلًا اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ
وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ.
كُنْ مُرَاضِيًا لِخَصْمِكَ سَرِيعًا مَا دُمْتَ
مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ، لِئَلاَّ يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي،
وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ، فَتُلْقَى فِي السِّجْنِ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ
هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ!
«قَدْ سَمِعْتُمْ
أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ.
وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ
مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ.
فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ
فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ
أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.
وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ
فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ
أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.
«وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ
امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَق.
وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ
امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ
مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي.
«أَيْضًا سَمِعْتُمْ
أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ.
وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا
الْبَتَّةَ، لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ،
وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ،
وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ.
وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأَنَّكَ لاَ
تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ.
بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ
لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ.
«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ
قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ.
وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ
تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ
لَهُ الآخَرَ أَيْضًا.
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ
ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا.
وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلًا وَاحِدًا فَاذْهَبْ
مَعَهُ اثْنَيْنِ.
مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ
يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.
«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ
قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ.
وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا
أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ،
وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،
لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي
فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ
وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ.
لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ
يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا
يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟
وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ،
فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا؟
فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ
أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.
«اِحْتَرِزُوا مِنْ
أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ، وَإِلاَّ
فَلَيْسَ لَكُمْ أَجْرٌ عِنْدَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُصَوِّتْ
قُدَّامَكَ بِالْبُوقِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُرَاؤُونَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي
الأَزِقَّةِ، لِكَيْ يُمَجَّدُوا مِنَ النَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:
إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ!
وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ
تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ،
لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ.
فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.
«وَمَتَى صَلَّيْتَ
فَلاَ تَكُنْ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ
فِي الْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ، لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ!
وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ
إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي
الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.
وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا
الْكَلاَمَ بَاطِلًا كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ
كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ.
فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لأَنَّ أَبَاكُمْ
يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ.
«فَصَلُّوا أَنْتُمْ
هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ.
لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ
كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ.
خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ.
وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ
نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا.
وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لكِنْ
نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى
الأَبَدِ. آمِينَ.
فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ
زَلاَتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ.
وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلاَتِهِمْ، لاَ
يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَلاَتِكُمْ.
«وَمَتَى صُمْتُمْ
فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ
وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:
إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ.
وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ
وَاغْسِلْ وَجْهَكَ،
لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ
لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ
يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.
«لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ
كُنُوزًا عَلَى الأَرْضِ حَيْثُ يُفْسِدُ السُّوسُ وَالصَّدَأُ، وَحَيْثُ يَنْقُبُ
السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ.
بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا فِي السَّمَاءِ،
حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ، وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ
يَسْرِقُونَ،
لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ
يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا.
سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَإِنْ
كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا،
وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ
كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِمًا، فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا
فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ!
«لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ
أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ
الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ
تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ.
«لِذلِكَ أَقُولُ
لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ،
وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ
مِنَ اللِّبَاسِ؟
اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا
لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ
السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟
وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ
يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟
وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟
تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ.
وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ
سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا.
فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الْحَقْلِ الَّذِي يُوجَدُ
الْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ، يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، أَفَلَيْسَ
بِالْحَرِيِّ جِدًّا يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟
فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟
أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟
فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ.
لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ
كُلِّهَا.
لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلًا مَلَكُوتَ اللهِ
وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.
فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ
يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ.
«لاَ تَدِينُوا لِكَيْ
لاَ تُدَانُوا،
لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا
تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ.
وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ
أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟
أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْني أُخْرِجِ
الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟
يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلًا الْخَشَبَةَ
مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ
أَخِيكَ!
لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ
تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا
وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ.
«اِسْأَلُوا تُعْطَوْا.
اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ.
لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ
يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ.
أَمْ أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ إِذَا سَأَلَهُ
ابْنُهُ خُبْزًا، يُعْطِيهِ حَجَرًا؟
وَإِنْ سَأَلَهُ سَمَكَةً، يُعْطِيهِ حَيَّةً؟
فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ
تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ
أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ!
فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ
بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ
وَالأَنْبِيَاءُ.
«اُدْخُلُوا مِنَ
الْبَاب الضَّيِّقِ، لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي
يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ!
مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ
الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ!
«اِحْتَرِزُوا مِنَ
الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَاب الْحُمْلاَنِ،
وَلكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِل ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ!
مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ
يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَبًا، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِينًا؟
هكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ
أَثْمَارًا جَيِّدَةً، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَارًا
رَدِيَّةً،
لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ
أَثْمَارًا رَدِيَّةً، وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا جَيِّدَةً.
كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا
تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ.
فَإِذًا مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ.
«لَيْسَ كُلُّ مَنْ
يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ
الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ
الْيَوْمِ: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ!
أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا
شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟
فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ
أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!
«فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ
أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ
عَلَى الصَّخْرِ.
فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ،
وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ،
لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ.
وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَلاَ
يَعْمَلُ بِهَا، يُشَبَّهُ بِرَجُل جَاهِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ.
فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ،
وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَصَدَمَتْ ذلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ، وَكَانَ سُقُوطُهُ
عَظِيمًا!»
فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلًا:
«أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!»
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «انْظُرْ أَنْ لاَ تَقُولَ
لأَحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ، وَقَدِّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي
أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ»
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا آتِي وَأَشْفِيهِ».
فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ تَعَجَّبَ، وَقَالَ
لِلَّذِينَ يَتْبَعُونَ:
«اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ أَجِدْ وَلاَ فِي إِسْرَائِيلَ
إِيمَانًا بِمِقْدَارِ هذَا!
وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ
مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِب وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ
وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ،
وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى
الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ».
ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ:
«اذْهَبْ، وَكَمَا آمَنْتَ لِيَكُنْ لَكَ
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِب أَوْجِرَةٌ
وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ
أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اتْبَعْنِي، وَدَعِ
الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ
فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا
قَلِيلِي الإِيمَانِ؟» ثُمَّ قَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ
فَقَالَ لَهُمُ: «امْضُوا
قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «ثِقْ يَا بُنَيَّ. مَغْفُورَةٌ
لَكَ خَطَايَاكَ
فَقَالَ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِالشَّرِّ فِي
قُلُوبِكُمْ؟
أَيُّمَا أَيْسَرُ، أَنْ يُقَالَ: مَغْفُورَةٌ
لَكَ خَطَايَاكَ، أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَامْشِ؟
وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ
الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا». حِينَئِذٍ
قَالَ لِلْمَفْلُوجِ:
«قُمِ احْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!»
«اتْبَعْنِي»
فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ
يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى.
فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي
أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ
خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو
الْعُرْسِ أَنْ يَنُوحُوا مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ وَلكِنْ سَتَأْتِي
أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ.
لَيْسَ أَحَدٌ يَجْعَلُ رُقْعَةً مِنْ قِطْعَةٍ
جَدِيدَةٍ عَلَى ثَوْبٍ عَتِيق، لأَنَّ الْمِلْءَ يَأْخُذُ مِنَ الثَّوْبِ،
فَيَصِيرُ الْخَرْقُ أَرْدَأَ.
وَلاَ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق
عَتِيقَةٍ، لِئَلاَّ تَنْشَقَّ الزِّقَاقُ، فَالْخَمْرُ تَنْصَبُّ وَالزِّقَاقُ
تَتْلَفُ. بَلْ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق جَدِيدَةٍ فَتُحْفَظُ
جَمِيعًا»
فَقَالَ: «ثِقِي يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ
شَفَاكِ»
قَالَ لَهُمْ: «تَنَحَّوْا، فَإِنَّ الصَّبِيَّةَ
لَمْ تَمُتْ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ»
فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «أَتُؤْمِنَانِ أَنِّي
أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ هذَا؟»
«بِحَسَب إِيمَانِكُمَا لِيَكُنْ لَكُمَا»
فَانْتَهَرَهُمَا يَسُوعُ قَائِلًا: «انْظُرَا،
لاَ يَعْلَمْ أَحَدٌ!»
قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَصَادُ كَثِيرٌ
وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ.
فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ
فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ».
أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلًا:
«إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ
تَدْخُلُوا.
بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ
بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.
وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا
قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ.
اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا
مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا.
لاَ تَقْتَنُوا ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً وَلاَ
نُحَاسًا فِي مَنَاطِقِكُمْ،
وَلاَ مِزْوَدًا لِلطَّرِيقِ وَلاَ ثَوْبَيْنِ
وَلاَ أَحْذِيَةً وَلاَ عَصًا، لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌ طَعَامَهُ.
«وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ
أَوْ قَرْيَةٍ دَخَلْتُمُوهَا فَافْحَصُوا مَنْ فِيهَا مُسْتَحِقٌ، وَأَقِيمُوا
هُنَاكَ حَتَّى تَخْرُجُوا.
وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا
عَلَيْهِ،
فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقًّا فَلْيَأْتِ
سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ، وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا فَلْيَرْجعْ
سَلاَمُكُمْ إِلَيْكُمْ.
وَمَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ
كَلاَمَكُمْ فَاخْرُجُوا خَارِجًا مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ تِلْكَ
الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا غُبَارَ أَرْجُلِكُمْ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ
سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا مِمَّا
لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ.
«هَا أَنَا
أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسْطِ ذِئَابٍ، فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ
وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ.
وَلكِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ، لأَنَّهُمْ
سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُمْ.
وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ
أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلأُمَمِ.
فَمَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ
أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ، لأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا
تَتَكَلَّمُونَ بِهِ،
لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ
رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ.
وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ،
وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ،
وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ
أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ.
وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ
فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ
إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ.
«لَيْسَ التِّلْمِيذُ
أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ.
يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ،
وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ
بَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ!
فَلاَ تَخَافُوهُمْ. لأَنْ لَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ
يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ.
اَلَّذِي أَقُولُهُ لَكُمْ فِي الظُّلْمَةِ
قُولُوهُ فِي النُّورِ، وَالَّذِي تَسْمَعُونَهُ فِي الأُذُنِ نَادُوا بِهِ عَلَى
السُّطُوحِ،
وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ
الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا
بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ
كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ.
أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟
وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لاَ يَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ.
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ
جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ.
فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ
عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ!
فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ
أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ،
وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ
أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي
جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ
سَيْفًا.
فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ
أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا.
وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ.
مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي
فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ
يَسْتَحِقُّنِي،
وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُني
فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي.
مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا، وَمَنْ
أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا.
مَنْ يَقْبَلُكُمْ يَقْبَلُنِي، وَمَنْ
يَقْبَلُني يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
مَنْ يَقْبَلُ نَبِيًّا بِاسْمِ نَبِيٍّ فَأَجْرَ
نَبِيٍّ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَقْبَلُ بَارًّا بِاسْمِ بَارّ فَأَجْرَ بَارّ
يَأْخُذُ،
وَمَنْ سَقَى أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ كَأْسَ
مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِاسْمِ تِلْمِيذٍ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ
يُضِيعُ أَجْرَهُ».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا
وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ:
اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ،
وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ،
وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ.
وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ»
ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ
يُوحَنَّا: «مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً
تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟
لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ َإِنْسَانًا
لاَبِسًا ثِيَابًا نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ
النَّاعِمَةَ هُمْ فِي بُيُوتِ الْمُلُوكِ.
لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟
أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ، وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ.
فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا
أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ
الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ،
وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ.
وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى
الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ، وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ.
لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ
إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا.
وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا، فَهذَا هُوَ
إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.
مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ.
«وَبِمَنْ أُشَبِّهُ
هذَا الْجِيلَ؟ يُشْبِهُ أَوْلاَدًا جَالِسِينَ فِي الأَسْوَاقِ يُنَادُونَ إِلَى
أَصْحَابِهِمْ
وَيَقُولُونَ: زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ
تَرْقُصُوا! نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَلْطِمُوا!
لأَنَّهُ جَاءَ يُوحَنَّا لاَ يَأْكُلُ وَلاَ
يَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: فِيهِ شَيْطَانٌ.
جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ،
فَيَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، مُحِبٌّ
لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا».
حِينَئِذٍ ابْتَدَأَ يُوَبِّخُ الْمُدُنَ الَّتِي
صُنِعَتْ فِيهَا أَكْثَرُ قُوَّاتِهِ لأَنَّهَا لَمْ تَتُبْ:
«وَيْلٌ لَكِ يَا
كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي صُورَ
وَصَيْدَاءَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكُمَا، لَتَابَتَا قَدِيمًا فِي
الْمُسُوحِ وَالرَّمَادِ.
وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ صُورَ وَصَيْدَاءَ
تَكُونُ لَهُمَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكُمَا.
وَأَنْتِ يَا كَفْرَنَاحُومَ الْمُرْتَفِعَةَ
إِلَى السَّمَاءِ!
سَتُهْبَطِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ. لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي
سَدُومَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكِ لَبَقِيَتْ إِلَى الْيَوْمِ.
وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَرْضَ سَدُومَ
تَكُونُ لَهَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكِ».
فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ:
«أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ
هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ.
نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنْ هكَذَا صَارَتِ
الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ.
كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي،
وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ
إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ.
تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ
وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ.
اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا
مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً
لِنُفُوسِكُمْ.
لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ».
فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ مَا فَعَلَهُ
دَاوُدُ حِينَ جَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ مَعَهُ؟
كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ وَأَكَلَ خُبْزَ
التَّقْدِمَةِ الَّذِي لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ لَهُ وَلاَ لِلَّذِينَ مَعَهُ، بَلْ
لِلْكَهَنَةِ فَقَطْ.
أَوَ مَا قَرَأْتُمْ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ
الْكَهَنَةَ فِي السَّبْتِ فِي الْهَيْكَلِ يُدَنِّسُونَ السَّبْتَ وَهُمْ
أَبْرِيَاءُ؟
وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ ههُنَا أَعْظَمَ
مِنَ الْهَيْكَلِ!
فَلَوْ عَلِمْتُمْ مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ
رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لَمَا حَكَمْتُمْ عَلَى الأَبْرِيَاءِ!
فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ
أَيْضًا»
فَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ
يَكُونُ لَهُ خَرُوفٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ سَقَطَ هذَا فِي السَّبْتِ فِي حُفْرَةٍ،
أَفَمَا يُمْسِكُهُ وَيُقِيمُهُ؟
فَالإِنْسَانُ كَمْ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ
الْخَرُوفِ! إِذًا يَحِلُّ فِعْلُ الْخَيْرِ فِي السُّبُوتِ!»
ثُمَّ قَالَ لِلإِنْسَانِ: «مُدَّ يَدَكَ».
وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ
عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ
لاَ يَثْبُتُ.
فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ
فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟
وَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ
الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ
قُضَاتَكُمْ!
وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللهِ
أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ!
أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ
بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ
أَوَّلًا، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟
مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ
يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ.
لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ خَطِيَّةٍ
وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ، وَأَمَّا التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ فَلَنْ
يُغْفَرَ لِلنَّاسِ.
وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ
يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ
لَهُ، لاَ فِي هذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي.
اِجْعَلُوا الشَّجَرَةَ جَيِّدَةً وَثَمَرَهَا
جَيِّدًا، أَوِ اجْعَلُوا الشَّجَرَةَ رَدِيَّةً وَثَمَرَهَا رَدِيًّا، لأَنْ مِنَ
الثَّمَرِ تُعْرَفُ الشَّجَرَةُ.
يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ
أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ
فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ.
اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ
الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ
الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ.
وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ
بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ
الدِّينِ.
لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ
تُدَانُ».
فَأَجابَ وَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ
وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ
النَّبِيِّ.
لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ
الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ
فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال.
رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ
هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ،
وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا!
مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ
مَعَ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ
لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا!
إِذَا خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ
الإِنْسَانِ يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ، يَطْلُبُ رَاحَةً وَلاَ
يَجِدُ.
ثُمَّ يَقُولُ: أَرْجعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي
خَرَجْتُ مِنْهُ. فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ فَارِغًا مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا.
ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ مَعَهُ سَبْعَةَ
أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ
أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ! هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا
لِهذَا الْجِيلِ الشَّرِّيرِ».
فَأَجَابَ وَقَالَ لِلْقَائِلِ لَهُ: «مَنْ هِيَ
أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتِي؟
وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتي.
لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي
فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي»
قَائِلًا: «هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ
لِيَزْرَعَ،
وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى
الطَّرِيقِ، فَجَاءَتِ الطُّيُورُ وَأَكَلَتْهُ.
وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ،
حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالًا إِذْ لَمْ يَكُنْ
لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ.
وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ،
وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ.
وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الشَّوْكِ، فَطَلَعَ
الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ.
وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ
فَأَعْطَى ثَمَرًا، بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ.
مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ».
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ
لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ
فَلَمْ يُعْطَ.
فَإِنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَيُزَادُ، وَأَمَّا
مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ.
مِنْ أَجْلِ هذَا أُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال،
لأَنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ
يَفْهَمُونَ.
فَقَدْ تَمَّتْ فِيهِمْ نُبُوَّةُ إِشَعْيَاءَ
الْقَائِلَةُ: تَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُونَ، وَمُبْصِرِينَ تُبْصِرُونَ
وَلاَ تَنْظُرُونَ.
لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ،
وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا
بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ،
وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ.
وَلكِنْ طُوبَى لِعُيُونِكُمْ لأَنَّهَا
تُبْصِرُ، وَلآذَانِكُمْ لأَنَّهَا تَسْمَعُ.
فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ
أَنْبِيَاءَ وَأَبْرَارًا كَثِيرِينَ اشْتَهَوْا أَنْ يَرَوْا مَا أَنْتُمْ تَرَوْنَ
وَلَمْ يَرَوْا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا.
«فَاسْمَعُوا أَنْتُمْ
مَثَلَ الزَّارِعِ:
كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ
يَفْهَمُ، فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ. هذَا
هُوَ الْمَزْرُوعُ عَلَى الطَّرِيقِ.
وَالْمَزْرُوعُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ
هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَحَالًا يَقْبَلُهَا بِفَرَحٍ،
وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي ذَاتِهِ، بَلْ
هُوَ إِلَى حِينٍ. فَإِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ
فَحَالًا يَعْثُرُ.
وَالْمَزْرُوعُ بَيْنَ الشَّوْكِ هُوَ الَّذِي
يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَهَمُّ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى يَخْنُقَانِ
الْكَلِمَةَ فَيَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ.
وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى الأَرْضِ
الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ. وَهُوَ الَّذِي
يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ».
قَدَّمَ لَهُمْ مَثَلًا آخَرَ قِائِلًا:
«يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا زَرَعَ زَرْعًا جَيِّدًا فِي
حَقْلِهِ.
وَفِيمَا النَّاسُ نِيَامٌ جَاءَ عَدُوُّهُ
وَزَرَعَ زَوَانًا فِي وَسْطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى.
فَلَمَّا طَلَعَ النَّبَاتُ وَصَنَعَ ثَمَرًا،
حِينَئِذٍ ظَهَرَ الزَّوَانُ أَيْضًا.
فَجَاءَ عَبِيدُ رَبِّ الْبَيْتِ وَقَالُوا لَهُ:
يَا سَيِّدُ، أَلَيْسَ زَرْعًا جَيِّدًا زَرَعْتَ فِي حَقْلِكَ؟ فَمِنْ أَيْنَ
لَهُ زَوَانٌ؟
فَقَالَ لَهُمْ: إِنْسَانٌ عَدُوٌّ فَعَلَ هذَا.
فَقَالَ لَهُ الْعَبِيدُ: أَتُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ وَنَجْمَعَهُ؟
فَقَالَ: لاَ! لِئَلاَّ تَقْلَعُوا الْحِنْطَةَ
مَعَ الزَّوَانِ وَأَنْتُمْ تَجْمَعُونَهُ.
دَعُوهُمَا يَنْمِيَانِ كِلاَهُمَا مَعًا إِلَى
الْحَصَادِ، وَفِي وَقْتِ الْحَصَادِ أَقُولُ لِلْحَصَّادِينَ: اجْمَعُوا أَوَّلًا
الزَّوَانَ وَاحْزِمُوهُ حُزَمًا لِيُحْرَقَ، وَأَمَّا الْحِنْطَةَ فَاجْمَعُوهَا
إِلَى مَخْزَني».
قَدَّمَ لَهُمْ مَثَلًا آخَرَ قَائِلًا:
«يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ حَبَّةَ خَرْدَل أَخَذَهَا إِنْسَانٌ
وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ،
وَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ. وَلكِنْ
مَتَى نَمَتْ فَهِيَ أَكْبَرُ الْبُقُولِ، وَتَصِيرُ شَجَرَةً، حَتَّى إِنَّ
طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي وَتَتَآوَى فِي أَغْصَانِهَا».
قَالَ لَهُمْ مَثَلًا آخَرَ: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ
السَّمَاوَاتِ خَمِيرَةً أَخَذَتْهَا امْرَأَةٌ وَخَبَّأَتْهَا فِي ثَلاَثَةِ
أَكْيَالِ دَقِيق حَتَّى اخْتَمَرَ الْجَمِيعُ».
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلزَّارِعُ
الزَّرْعَ الْجَيِّدَ هُوَ ابْنُ الإِنْسَانِ.
وَالْحَقْلُ هُوَ الْعَالَمُ. وَالزَّرْعُ
الْجَيِّدُ هُوَ بَنُو الْمَلَكُوتِ. وَالزَّوَانُ هُوَ بَنُو الشِّرِّيرِ.
وَالْعَدُوُّ الَّذِي زَرَعَهُ هُوَ إِبْلِيسُ.
وَالْحَصَادُ هُوَ انْقِضَاءُ الْعَالَمِ. وَالْحَصَّادُونَ هُمُ الْمَلاَئِكَةُ.
فَكَمَا يُجْمَعُ الزَّوَانُ وَيُحْرَقُ
بِالنَّارِ، هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ هذَا الْعَالَمِ:
يُرْسِلُ ابْنُ الإِنْسَانِ مَلاَئِكَتَهُ
فَيَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ الْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي الإِثْمِ،
وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ
يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.
حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي
مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ.
«أَيْضًا يُشْبِهُ
مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ كَنْزًا مُخْفىً فِي حَقْل، وَجَدَهُ إِنْسَانٌ
فَأَخْفَاهُ. وَمِنْ فَرَحِهِ مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَى
ذلِكَ الْحَقْلَ.
أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ
إِنْسَانًا تَاجِرًا يَطْلُبُ لآلِئَ حَسَنَةً،
فَلَمَّا وَجَدَ لُؤْلُؤَةً وَاحِدَةً كَثِيرَةَ
الثَّمَنِ، مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَاهَا.
أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ
شَبَكَةً مَطْرُوحَةً فِي الْبَحْرِ، وَجَامِعَةً مِنْ كُلِّ نَوْعٍ.
فَلَمَّا امْتَلأَتْ أَصْعَدُوهَا عَلَى
الشَّاطِئِ، وَجَلَسُوا وَجَمَعُوا الْجِيَادَ إِلَى أَوْعِيَةٍ، وَأَمَّا
الأَرْدِيَاءُ فَطَرَحُوهَا خَارِجًا.
هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ الْعَالَمِ:
يَخْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَيُفْرِزُونَ الأَشْرَارَ مِنْ بَيْنِ الأَبْرَارِ،
وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ
يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ».
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَفَهِمْتُمْ هذَا
كُلَّهُ؟»
فَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كُلُّ
كَاتِبٍ مُتَعَلِّمٍ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ يُشْبِهُ رَجُلًا رَبَّ بَيْتٍ
يُخْرِجُ مِنْ كَنْزِهِ جُدُدًا وَعُتَقَاءَ»
وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ
نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَفِي بَيْتِهِ»
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لاَ حَاجَةَ لَهُمْ
أَنْ يَمْضُوا. أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا».
فَقَالَ: «ائْتُوني بِهَا إِلَى هُنَا»
فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ قِائِلًا:
«تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا».
فَقَالَ: «تَعَالَ»
قَالَ لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ، لِمَاذَا
شَكَكْتَ؟»
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ أَيْضًا،
لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ؟
فَإِنَّ اللهَ أَوْصَى قَائِلًا: أَكْرِمْ
أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمْ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا.
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: مَنْ قَالَ
لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ:
قُرْبَانٌ هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي. فَلاَ
يُكْرِمُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ.
فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب
تَقْلِيدِكُمْ!
يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ
إِشَعْيَاءُ قَائِلًا:
يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ،
وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا.
وَبَاطِلًا يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ
تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».
ثُمَّ دَعَا الْجَمْعَ وَقَالَ لَهُمُ:
«اسْمَعُوا وَافْهَمُوا.
لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ
الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».
فَأَجَابَ وَقَالَ: «كُلُّ غَرْسٍ لَمْ يَغْرِسْهُ
أَبِي السَّمَاوِيُّ يُقْلَعُ.
اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ
عُمْيَانٍ. وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي
حُفْرَةٍ».
فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضًا حَتَّى
الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟
أَلاَ تَفْهَمُونَ بَعْدُ أَنَّ كُلَّ مَا
يَدْخُلُ الْفَمَ يَمْضِي إِلَى الْجَوْفِ وَيَنْدَفِعُ إِلَى الْمَخْرَجِ؟
وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ فَمِنَ
الْقَلْب يَصْدُرُ، وَذَاكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ،
لأَنْ مِنَ الْقَلْب تَخْرُجُ أَفْكَارٌ
شِرِّيرَةٌ: قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ، سِرْقَةٌ، شَهَادَةُ زُورٍ، تَجْدِيفٌ.
هذِهِ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ.
وَأَمَّا الأَكْلُ بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ فَلاَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».
فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى
خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».
فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ
يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب»
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ،
عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ».
وَقَالَ: «إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ،
لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا
يَأْكُلُونَ. وَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَصْرِفَهُمْ صَائِمِينَ لِئَلاَّ يُخَوِّرُوا
فِي الطَّرِيقِ»
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ
الْخُبْزِ؟»
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِذَا كَانَ
الْمَسَاءُ قُلْتُمْ: صَحْوٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ.
وَفِي الصَّبَاحِ: الْيَوْمَ شِتَاءٌ لأَنَّ
السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ بِعُبُوسَةٍ. يَا مُرَاؤُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ
تُمَيِّزُوا وَجْهَ السَّمَاءِ، وَأَمَّا عَلاَمَاتُ الأَزْمِنَةِ فَلاَ
تَسْتَطِيعُونَ!
جِيلٌ شِرِّيرٌ فَاسِقٌ يَلْتَمِسُ آيَةً، وَلاَ
تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ».
وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «انْظُرُوا،
وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ»
وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ فِي
أَنْفُسِكُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ أَنَّكُمْ لَمْ تَأْخُذُوا خُبْزًا؟
أَحَتَّى الآنَ لاَ تَفْهَمُونَ؟ وَلاَ
تَذْكُرُونَ خَمْسَ خُبْزَاتِ الْخَمْسَةِ الآلاَفِ وَكَمْ قُفَّةً أَخَذْتُمْ؟
وَلاَ سَبْعَ خُبْزَاتِ الأَرْبَعَةِ الآلاَفِ
وَكَمْ سَلًا أَخَذْتُمْ؟
كَيْفَ لاَ تَفْهَمُونَ أَنِّي لَيْسَ عَنِ
الْخُبْزِ قُلْتُ لَكُمْ أَنْ تَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ
وَالصَّدُّوقِيِّينَ؟»
سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلًا: «مَنْ يَقُولُ
النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟»
قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ
إِنِّي أَنَا؟»
فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «طُوبَى لَكَ يَا
سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي
الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ،
وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ
تَقْوَى عَلَيْهَا.
وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ،
فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ.
وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ»
فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي
يَا شَيْطَانُ! أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي، لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا للهِ لكِنْ
بِمَا لِلنَّاسِ»
قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «إِنْ أَرَادَ
أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ
وَيَتْبَعْنِي،
فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ
يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا.
لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ
رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ
فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟
فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي
مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ
عَمَلِهِ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ
ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا
فِي مَلَكُوتِهِ»
قَالَ: «قُومُوا، وَلاَ تَخَافُوا»
اوْصَاهُمْ يَسُوعُ قَائِلًا: «لاَ تُعْلِمُوا
أَحَدًا بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ»
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ
إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلًا وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ.
وَلكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ
جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذلِكَ ابْنُ
الإِنْسَانِ أَيْضًا سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ»
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الْجِيلُ
غَيْرُ الْمُؤْمِنِ، الْمُلْتَوِي، إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى
أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ ههُنَا!»
فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ.
فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل
لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ
فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ.
وَأَمَّا هذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ
بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ»
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «ابْنُ الإِنْسَانِ سَوْفَ
يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ
فَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ
يَقُومُ».
سَبَقَهُ يَسُوعُ قَائِلًا: «مَاذَا تَظُنُّ يَا
سِمْعَانُ؟ مِمَّنْ يَأْخُذُ مُلُوكُ الأَرْضِ الْجِبَايَةَ أَوِ الْجِزْيَةَ،
أَمِنْ بَنِيهِمْ أَمْ مِنَ الأَجَانِبِ؟»
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «فَإِذًا الْبَنُونَ
أَحْرَارٌ.
وَلكِنْ لِئَلاَّ نُعْثِرَهُمُ، اذْهَبْ إِلَى
الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً، وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلًا خُذْهَا،
وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَارًا، فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي
وَعَنْكَ»
وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ
تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.
فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هذَا الْوَلَدِ
فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.
وَمَنْ قَبِلَ وَلَدًا وَاحِدًا مِثْلَ هذَا
بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي.
وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ
الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى
وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ.
وَيْلٌ لِلْعَالَمِ مِنَ الْعَثَرَاتِ! فَلاَ
بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي
بِهِ تَأْتِي الْعَثْرَةُ!
فَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ أَوْ رِجْلُكَ
فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ
أَوْ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي النَّارِ الأَبَدِيَّةِ وَلَكَ يَدَانِ أَوْ
رِجْلاَنِ.
وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا
وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ
تُلْقَى فِي جَهَنَّمِ النَّارِ وَلَكَ عَيْنَانِ.
«اُنْظُرُوا، لاَ
تَحْتَقِرُوا أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ
مَلاَئِكَتَهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ كُلَّ حِينٍ يَنْظُرُونَ وَجْهَ أَبِي الَّذِي
فِي السَّمَاوَاتِ.
لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ
يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ.
مَاذَا تَظُنُّونَ؟ إِنْ كَانَ لإِنْسَانٍ مِئَةُ
خَرُوفٍ، وَضَلَّ وَاحِدٌ مِنْهَا، أَفَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ
عَلَى الْجِبَالِ وَيَذْهَبُ يَطْلُبُ الضَّالَّ؟
وَإِنِ اتَّفَقَ أَنْ يَجِدَهُ، فَالْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَفْرَحُ بِهِ أَكْثَرَ مِنَ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ
الَّتِي لَمْ تَضِلَّ.
هكَذَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً أَمَامَ أَبِيكُمُ
الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ.
«وَإِنْ أَخْطَأَ
إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ
سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ.
وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَيْضًا
وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ، لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ
أَوْ ثَلاَثَةٍ.
وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ
لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ
كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا
تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا
تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ.
وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنِ اتَّفَقَ
اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ
يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ،
لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ
ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ».
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى
سَبْعِ مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ.
لِذلِكَ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ
إِنْسَانًا مَلِكًا أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ عَبِيدَهُ.
فَلَمَّا ابْتَدَأَ فِي الْمُحَاسَبَةِ قُدِّمَ
إِلَيْهِ وَاحِدٌ مَدْيُونٌ بِعَشْرَةِ آلاَفِ وَزْنَةٍ.
وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوفِي أَمَرَ
سَيِّدُهُ أَنْ يُبَاعَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَأَوْلاَدُهُ وَكُلُّ مَا لَهُ،
وَيُوفَي الدَّيْنُ.
فَخَرَّ الْعَبْدُ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلًا: يَا
سَيِّدُ، تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ.
فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ
وَأَطْلَقَهُ، وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ.
وَلَمَّا خَرَجَ ذلِكَ الْعَبْدُ وَجَدَ وَاحِدًا
مِنَ الْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ، كَانَ مَدْيُونًا لَهُ بِمِئَةِ دِينَارٍ،
فَأَمْسَكَهُ وَأَخَذَ بِعُنُقِهِ قَائِلًا: أَوْفِني مَا لِي عَلَيْكَ.
فَخَرَّ الْعَبْدُ رَفِيقُهُ عَلَى قَدَمَيْهِ
وَطَلَبَ إِلَيْهِ قَائِلًا: تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ.
فَلَمْ يُرِدْ بَلْ مَضَى وَأَلْقَاهُ فِي سِجْنٍ
حَتَّى يُوفِيَ الدَّيْنَ.
فَلَمَّا رَأَى الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُ مَا
كَانَ، حَزِنُوا جِدًّا. وَأَتَوْا وَقَصُّوا عَلَى سَيِّدِهِمْ كُلَّ مَا جَرَى.
فَدَعَاهُ حِينَئِذٍ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ:
أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ، كُلُّ ذلِكَ الدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ
طَلَبْتَ إِلَيَّ.
أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضًا
تَرْحَمُ الْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟
وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى
الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ.
فَهكَذَا أَبِي السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ
إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَلاَتِهِ»
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ
أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟
وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ
أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا
وَاحِدًا.
إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ
وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ».
قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ
قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ
الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا.
وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ
امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَالَّذِي
يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي»
فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ
هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم،
لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هكَذَا مِنْ
بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ، وَيُوجَدُ
خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ
أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».
أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ
يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ
السَّمَاوَاتِ»
فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟
لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. وَلكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ
تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا»
فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ
تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ.
أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ
كَنَفْسِكَ».
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ
كَامِلًا فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ
كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي
فَقَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ
السَّمَاوَاتِ!
وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنَّ مُرُورَ جَمَل
مِنْ ثَقْب إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!»
فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:
«هذَا عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ عِنْدَ
اللهِ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ»
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:
إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ
ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى
اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ.
وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ
أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا
مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ.
وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ
آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ
«فَإِنَّ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ
يُشْبِهُ رَجُلًا رَبَّ بَيْتٍ خَرَجَ مَعَ الصُّبْحِ لِيَسْتَأْجِرَ فَعَلَةً
لِكَرْمِهِ،
فَاتَّفَقَ مَعَ الْفَعَلَةِ عَلَى دِينَارٍ فِي
الْيَوْمِ، وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى كَرْمِهِ.
ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ
وَرَأَى آخَرِينَ قِيَامًا فِي السُّوقِ بَطَّالِينَ،
فَقَالَ لَهُمُ: اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضًا
إِلَى الْكَرْمِ فَأُعْطِيَكُمْ مَا يَحِقُّ لَكُمْ. فَمَضَوْا.
وَخَرَجَ أَيْضًا نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ
وَالتَّاسِعَةِ وَفَعَلَ كَذلِكَ.
ثُمَّ نَحْوَ السَّاعَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ
خَرَجَ وَوَجَدَ آخَرِينَ قِيَامًا بَطَّالِينَ، فَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا
وَقَفْتُمْ ههُنَا كُلَّ النَّهَارِ بَطَّالِينَ؟
قَالُوا لَهُ: لأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْنَا
أَحَدٌ. قَالَ لَهُمُ:
اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضًا إِلَى الْكَرْمِ فَتَأْخُذُوا مَا
يَحِقُّ لَكُمْ.
فَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ قَالَ صَاحِبُ
الْكَرْمِ لِوَكِيلِهِ: ادْعُ الْفَعَلَةَ وَأَعْطِهِمُ الأُجْرَةَ مُبْتَدِئًا
مِنَ الآخِرِينَ إِلَى الأَوَّلِينَ.
فَجَاءَ أَصْحَابُ السَّاعَةِ الْحَادِيَةَ
عَشْرَةَ وَأَخَذُوا دِينَارًا دِينَارًا.
فَلَمَّا جَاءَ الأَوَّلُونَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ
يَأْخُذُونَ أَكْثَرَ. فَأَخَذُوا هُمْ أَيْضًا دِينَارًا دِينَارًا.
وَفِيمَا هُمْ يَأْخُذُونَ تَذَمَّرُوا عَلَى
رَبِّ الْبَيْتِ
قَائِلِينَ: هؤُلاَءِ الآخِرُونَ عَمِلُوا
سَاعَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ سَاوَيْتَهُمْ بِنَا نَحْنُ الَّذِينَ احْتَمَلْنَا
ثِقَلَ النَّهَارِ وَالْحَرَّ!
فَأجَابَ وَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ: يَا
صَاحِبُ، مَا ظَلَمْتُكَ! أَمَا اتَّفَقْتَ مَعِي عَلَى دِينَارٍ؟
فَخُذِ الَّذِي لَكَ وَاذْهَبْ، فَإِنِّي أُرِيدُ
أَنْ أُعْطِيَ هذَا الأَخِيرَ مِثْلَكَ.
أَوَ مَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَفْعَلَ مَا أُرِيدُ
بِمَا لِي؟ أَمْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةٌ لأَنِّي أَنَا صَالِحٌ؟
هكَذَا يَكُونُ الآخِرُونَ أَوَّلِينَ
وَالأَوَّلُونَ آخِرِينَ، لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ
يُنْتَخَبُونَ»
وَقَالَ لَهُمْ:
«هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ
إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ
وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ،
وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ
يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «لَسْتُمَا
تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَانِ. أَتَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الْكَأْسَ الَّتِي
سَوْفَ أَشْرَبُهَا أَنَا، وَأَنْ تَصْطَبِغَا بِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبغُ
بِهَا أَنَا؟»
فَقَالَ لَهُمَا: «أَمَّا كَأْسِي
فَتَشْرَبَانِهَا، وَبِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبِغُ بِهَا أَنَا تَصْطَبِغَانِ.
وَأَمَّا الْجُلُوسُ عَنْ يَمِيني وَعَنْ يَسَارِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ
إِلاَّ لِلَّذِينَ أُعِدَّ لَهُمْ مِنْ أَبِي».
فَدَعَاهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْعُظَمَاءَ
يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ.
فَلاَ يَكُونُ هكَذَا فِيكُمْ. بَلْ مَنْ أَرَادَ
أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ عَظِيمًا فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِمًا،
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ أَوَّلًا
فَلْيَكُنْ لَكُمْ عَبْدًا،
كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ
لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ»
فَوَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَاهُمَا وَقَالَ: «مَاذَا
تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ بِكُمَا؟»
قَائِلًا لَهُمَا: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ
الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَانًا مَرْبُوطَةً وَجَحْشًا
مَعَهَا، فَحُّلاَهُمَا وَأْتِيَاني بِهِمَا.
وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئًا، فَقُولاَ:
الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا»
وَقَالَ لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ
الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!»
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «نَعَمْ! أَمَا
قَرَأْتُمْ قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا؟»
فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ
إِلَى الأَبَدِ!» فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.
فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذلِكَ تَعَجَّبُوا
قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟»
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلاَ تَشُكُّونَ، فَلاَ تَفْعَلُونَ
أَمْرَ التِّينَةِ فَقَطْ، بَلْ إِنْ قُلْتُمْ أَيْضًا لِهذَا الْجَبَلِ:
انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ فَيَكُونُ.
وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاَةِ
مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنَا
أَيْضًا أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ قُلْتُمْ لِي عَنْهَا أَقُولُ
لَكُمْ أَنَا أَيْضًا بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا:
مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنْ أَيْنَ كَانَتْ؟
مِنَ السَّمَاءِ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟»
فَقَالَ لَهُمْ هُوَ أَيْضًا: «وَلاَ أَنَا
أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا.
«مَاذَا تَظُنُّونَ؟
كَانَ لإِنْسَانٍ ابْنَانِ، فَجَاءَ إِلَى الأَوَّلِ وَقَالَ: يَا ابْنِي، اذْهَب
الْيَوْمَ اعْمَلْ فِي كَرْمِي.
فَأَجَابَ وَقَالَ: مَا أُرِيدُ. وَلكِنَّهُ
نَدِمَ أَخِيرًا وَمَضَى.
وَجَاءَ إِلَى الثَّاني وَقَالَ كَذلِكَ.
فَأَجَابَ وَقَالَ: هَا أَنَا يَا سَيِّدُ. وَلَمْ يَمْضِ.
فَأَيُّ الاثْنَيْنِ عَمِلَ إِرَادَةَ الأَبِ؟»
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:
إِنَّ الْعَشَّارِينَ وَالزَّوَانِيَ يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ،
لأَنَّ يُوحَنَّا جَاءَكُمْ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ
فَلَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ، وَأَمَّا الْعَشَّارُونَ وَالزَّوَاني فَآمَنُوا بِهِ.
وَأَنْتُمْ إِذْ رَأَيْتُمْ لَمْ تَنْدَمُوا أَخِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِهِ.
«اِسْمَعُوا مَثَلًا
آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْمًا، وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ،
وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً، وَبَنَى بُرْجًا، وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ
وَسَافَرَ.
وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ
عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ.
فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا
بَعْضًا وَقَتَلُوا بَعْضًا وَرَجَمُوا بَعْضًا.
ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ
أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ، فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذلِكَ.
فَأَخِيرًا أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ
قَائِلًا: يَهَابُونَ ابْنِي!
وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا
الابْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ
وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ!
فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ
وَقَتَلُوهُ.
فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ، مَاذَا
يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟»
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ
فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ
الزَّاوِيَةِ؟ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا!
لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ
يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ.
وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ،
وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ!»
وَجَعَلَ يَسُوعُ يُكَلِّمُهُمْ أَيْضًا
بِأَمْثَال قَائِلًا:
«يُشْبِهُ مَلَكُوتُ
السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا مَلِكًا صَنَعَ عُرْسًا لابْنِهِ،
وَأَرْسَلَ عَبِيدَهُ لِيَدْعُوا الْمَدْعُوِّينَ
إِلَى الْعُرْسِ، فَلَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَأْتُوا.
فَأَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ قَائِلًا:
قُولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ: هُوَذَا غَدَائِي أَعْدَدْتُهُ. ثِيرَانِي
وَمُسَمَّنَاتِي قَدْ ذُبِحَتْ، وَكُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ. تَعَالَوْا إِلَى
الْعُرْسِ!
وَلكِنَّهُمْ تَهَاوَنُوا وَمَضَوْا، وَاحِدٌ
إِلَى حَقْلِهِ، وَآخَرُ إِلَى تِجَارَتِهِ،
وَالْبَاقُونَ أَمْسَكُوا عَبِيدَهُ
وَشَتَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ.
فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ غَضِبَ، وَأَرْسَلَ
جُنُودَهُ وَأَهْلَكَ أُولئِكَ الْقَاتِلِينَ وَأَحْرَقَ مَدِينَتَهُمْ.
ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَمَّا الْعُرْسُ
فَمُسْتَعَدٌّ، وَأَمَّا الْمَدْعُوُّونَ فَلَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ.
فَاذْهَبُوا إِلَى مَفَارِقِ الطُّرُقِ، وَكُلُّ
مَنْ وَجَدْتُمُوهُ فَادْعُوهُ إِلَى الْعُرْسِ.
فَخَرَجَ أُولئِكَ الْعَبِيدُ إِلَى الطُّرُقِ،
وَجَمَعُوا كُلَّ الَّذِينَ وَجَدُوهُمْ أَشْرَارًا وَصَالِحِينَ. فَامْتَلأَ
الْعُرْسُ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ.
فَلَمَّا دَخَلَ الْمَلِكُ لِيَنْظُرَ
الْمُتَّكِئِينَ، رَأَى هُنَاكَ إِنْسَانًا لَمْ يَكُنْ لاَبِسًا لِبَاسَ
الْعُرْسِ.
فَقَالَ لَهُ: يَا صَاحِبُ، كَيْفَ دَخَلْتَ
إِلَى هُنَا وَلَيْسَ عَلَيْكَ لِبَاسُ الْعُرْسِ؟ فَسَكَتَ.
حِينَئِذٍ قَالَ الْمَلِكُ لِلْخُدَّامِ:
ارْبُطُوا رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ، وَخُذُوهُ وَاطْرَحُوهُ فِي الظُّلْمَةِ
الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.
لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ
يُنْتَخَبُونَ»
وَقَالَ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا
مُرَاؤُونَ؟
أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ».
فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ
وَالْكِتَابَةُ؟»
فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ
لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ»
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «تَضِلُّونَ
إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ.
لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ
وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ.
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ،
أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ الْقَائِلِ:
أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ
وَإِلهُ يَعْقُوبَ؟ لَيْسَ اللهُ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ»
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ
مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ.
هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى.
وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ
كَنَفْسِكَ.
بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ
النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ»
قَائلًا: «مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟
ابْنُ مَنْ هُوَ؟»
قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ
بِالرُّوحِ رَبًّا؟ قَائِلًا:
قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِيني
حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ.
فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا، فَكَيْفَ
يَكُونُ ابْنَهُ؟»
خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ
قَائِلًا: «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ
الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ،
فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ
فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا،
لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ.
فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالًا ثَقِيلَةً
عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ، وَهُمْ لاَ
يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبِعِهِمْ،
وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ
تَنْظُرَهُمُ النَّاسُ:
فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ
ثِيَابِهِمْ،
وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي
الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ،
وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَأَنْ
يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي!
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي،
لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ.
وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ،
لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ
مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ.
وَأَكْبَرُكُمْ يَكُونُ خَادِمًا لَكُمْ.
فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ
يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ.
«لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ
أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ
مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ
تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ
وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ!
لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، ولِعِلَّةٍ
تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ
وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ!
لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا
دَخِيلًا وَاحِدًا، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ
مِنْكُمْ مُضَاعَفًا.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ!
الْقَائِلُونَ: مَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ
بِذَهَب الْهَيْكَلِ يَلْتَزِمُ.
أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا
أَعْظَمُ: أَلذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي يُقَدِّسُ الذَّهَبَ؟
وَمَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ،
وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْبَانِ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ.
أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا
أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يُقَدِّسُ الْقُرْبَانَ؟
فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَقَدْ حَلَفَ
بِهِ وَبِكُلِّ مَا عَلَيْهِ!
وَمَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ
وَبِالسَّاكِنِ فِيهِ،
وَمَنْ حَلَفَ بِالسَّمَاءِ فَقَدْ حَلَفَ
بِعَرْشِ اللهِ وَبِالْجَالِسِ عَلَيْهِ.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ
الْمُرَاؤُونَ!
لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ
وَالْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ
وَالإِيمَانَ.
كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا
تِلْكَ.
أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الَّذِينَ
يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ
وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ!
لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ،
وَهُمَا مِنْ دَاخِل مَمْلُوآنِ اخْتِطَافًا وَدَعَارَةً.
أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى! نَقِّ
أَوَّلًا دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضًا
نَقِيًّا.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ
وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ!
لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ
خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ
نَجَاسَةٍ.
هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ
تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً
وَإِثْمًا.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ
وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ!
لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ
مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ،
وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ
آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ.
فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ
أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ.
فَامْلأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ.
أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي!
كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟
لِذلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ
أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً، فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ،
وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ، وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى
مَدِينَةٍ،
لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زكِيٍّ
سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ، مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا
بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا كُلَّهُ
يَأْتِي عَلَى هذَا الْجِيلِ!
«يَا أُورُشَلِيمُ، يَا
أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا،
كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ
فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا!
هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا.
لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ
تَرَوْنَني مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!»
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا تَنْظُرُونَ
جَمِيعَ هذِهِ؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ ههُنَا حَجَرٌ
عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ!»
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْظُرُوا!
لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ.
فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي
قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ.
وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ
حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا. لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هذِهِ
كُلُّهَا، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ.
لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ
عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ.
وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ.
حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيق
وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ
اسْمِي.
وَحِينَئِذٍ يَعْثُرُ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ
بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ
وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ.
وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ
الْكَثِيرِينَ.
وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى
فَهذَا يَخْلُصُ.
وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي
كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى.
«فَمَتَى نَظَرْتُمْ
«رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي
الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ - لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ -
فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُب الَّذِينَ فِي
الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ،
وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ
لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا،
وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجعْ إِلَى
وَرَائِهِ لِيَأْخُذَ ثِيَابَهُ.
وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي
تِلْكَ الأَيَّامِ!
وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي
شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ،
لأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ
يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ.
وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ
يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ.
حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا
الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا.
لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ
وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى
يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا.
هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ.
فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي
الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا.
لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ
الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ
ابْنِ الإِنْسَانِ.
لأَنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ
تَجْتَمِعُ النُّسُورُ.
«وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ
ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ،
وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ.
وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ
الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ.
وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ،
وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ
وَمَجْدٍ كَثِيرٍ.
فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ
الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ
أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا.
فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ:
مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ
الصَّيْفَ قَرِيبٌ.
هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذَا
كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا
الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ.
اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ
كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.
«وَأَمَّا ذلِكَ
الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ،
إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ.
وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ
أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ.
لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي
قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ،
إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ نُوحٌ الْفُلْكَ،
وَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى جَاءَ الطُّوفَانُ
وَأَخَذَ الْجَمِيعَ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ.
حِينَئِذٍ يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ،
يُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ.
اِثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ عَلَى الرَّحَى،
تُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى.
«اِسْهَرُوا إِذًا
لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ.
وَاعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ
الْبَيْتِ فِي أَيِّ هَزِيعٍ يَأْتِي السَّارِقُ، لَسَهِرَ وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ
يُنْقَبُ.
لِذلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا
مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ.
فَمَنْ هُوَ الْعَبْدُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ
الَّذِي أَقَامَهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الطَّعَامَ فِي
حِينِهِ؟
طُوبَى لِذلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ
سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هكَذَا!
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ
عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ.
وَلكِنْ إِنْ قَالَ ذلِكَ الْعَبْدُ الرَّدِيُّ
فِي قَلْبِهِ: سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ.
فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ الْعَبِيدَ رُفَقَاءَهُ
وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ السُّكَارَى.
يَأْتِي سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لاَ
يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لاَ يَعْرِفُهَا،
فَيُقَطِّعُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ
الْمُرَائِينَ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.
«حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ
السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى، أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ
الْعَرِيسِ.
وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ
جَاهِلاَتٍ.
أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ
وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا،
وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي
آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ.
وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ
جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ.
فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا
الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ!
فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولئِكَ الْعَذَارَى
وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ.
فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ:
أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ.
فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلاتٍ: لَعَلَّهُ
لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ
لَكُنَّ.
وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ
الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ
الْبَابُ.
أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا
قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا!
فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ:
إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ.
فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ
الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ.
«وَكَأَنَّمَا
إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ،
فَأَعْطَى وَاحِدًا خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ
وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ
لِلْوَقْتِ.
فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ
وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ.
وَهكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ، رَبِحَ
أَيْضًا وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ.
وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى
وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ.
وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيل أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ
الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ.
فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ
وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ
سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا.
فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا
الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ
عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ.
ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ
وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ
أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا.
قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا
الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ!
كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ.
اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ.
ثُمَّ جَاءَ أَيْضًا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ
الْوَاحِدَةَ وَقَالَ:
يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَحْصُدُ
حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ.
فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي
الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ.
فَأَجَابَ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا
الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ، عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ
أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ،
فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ
الصَّيَارِفَةِ، فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِبًا.
فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا
لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ.
لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ،
وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ.
وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى
الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.
«وَمَتَى جَاءَ ابْنُ
الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ،
فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ.
وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ،
فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ
الْجِدَاءِ،
فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ
عَنِ الْيَسَارِ.
ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ
يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ
لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.
لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ
فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي.
عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا
فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ.
فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ
الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.
«ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا
لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ
الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ،
لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ
فَلَمْ تَسْقُونِي.
كُنْتُ غَرِيبًا فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَانًا
فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضًا وَمَحْبُوسًا فَلَمْ تَزُورُونِي.
فَيُجِيبُهُمْ قِائِلًا: الْحَقَّ أَقُولُ
لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي
لَمْ تَفْعَلُوا.
فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ
وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ».
«تَعْلَمُونَ أَنَّهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ
يَكُونُ الْفِصْحُ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ لِيُصْلَبَ»
وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُزْعِجُونَ
الْمَرْأَةَ؟ فَإِنَّهَا قَدْ عَمِلَتْ بِي عَمَلًا حَسَنًا
لأَنَّ الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ،
وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ.
فَإِنَّهَا إِذْ سَكَبَتْ هذَا الطِّيبَ عَلَى
جَسَدِي إِنَّمَا فَعَلَتْ ذلِكَ لأَجْلِ تَكْفِينِي.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: حَيْثُمَا يُكْرَزْ
بِهذَا الإِنْجِيلِ فِي كُلِّ الْعَالَمِ، يُخْبَرْ أَيْضًا بِمَا فَعَلَتْهُ
هذِهِ تَذْكَارًا لَهَا»
فَقَالَ: «اذْهَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، إِلَى
فُلاَنٍ وَقُولُوا لَهُ: الْمُعَلِّمُ يَقُولُ: إِنَّ وَقْتِي قَرِيبٌ. عِنْدَكَ
أَصْنَعُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي»
قَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِدًا
مِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي»
فَأَجَابَ وَقَالَ: «الَّذِي يَغْمِسُ يَدَهُ
مَعِي فِي الصَّحْفَةِ هُوَ يُسَلِّمُنِي
إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ
مَكْتُوبٌ عَنْهُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ
الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْرًا لِذلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ!»
قَالَ لَهُ: «أَنْتَ قُلْتَ»
وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي»
قَائِلًا: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ،
لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ
الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا.
وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ
أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هذَا إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا
أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ أَبِي»
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ
فِيَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ
فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ.
وَلكِنْ بَعْدَ قِيَامِي أَسْبِقُكُمْ إِلَى
الْجَلِيلِ».
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ:
إِنَّكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ دِيكٌ تُنْكِرُني ثَلاَثَ
مَرَّاتٍ»
فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «اجْلِسُوا ههُنَا
حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ».
فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدًّا
حَتَّى الْمَوْتِ. اُمْكُثُوا ههُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي»
يُصَلِّي قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ
أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ، وَلكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ
أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ»
فَقَالَ لِبُطْرُسَ: «أَهكَذَا مَا قَدَرْتُمْ
أَنْ تَسْهَرُوا مَعِي سَاعَةً وَاحِدَةً؟
اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي
تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ»
صَلَّى قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ لَمْ
يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا،
فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ»
صَلَّى ثَالِثَةً قَائِلًا ذلِكَ الْكَلاَمَ
بِعَيْنِهِ
وَقَالَ لَهُمْ: «نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا!
هُوَذَا السَّاعَةُ قَدِ اقْتَرَبَتْ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى
أَيْدِي الْخُطَاةِ.
قُومُوا نَنْطَلِقْ! هُوَذَا الَّذِي يُسَلِّمُني
قَدِ اقْتَرَبَ
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا صَاحِبُ، لِمَاذَا
جِئْتَ؟»
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى
مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!
أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ
أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ
الْمَلاَئِكَةِ؟
فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ: أَنَّهُ هكَذَا
يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ؟»
«كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ
بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ لِتَأْخُذُونِي! كُلَّ يَوْمٍ كُنْتُ أَجْلِسُ مَعَكُمْ
أُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ وَلَمْ تُمْسِكُونِي.
وَأَمَّا هذَا كُلُّهُ فَقَدْ كَانَ لِكَيْ
تُكَمَّلَ كُتُبُ الأَنْبِيَاءِ»
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ
وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ
الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ»
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ»
نَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ
بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلًا: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟»
أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟
فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ،
وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.
يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا»
فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لاَ تَخَافَا. اِذْهَبَا
قُولاَ لإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي»
فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا:
«دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ،
فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ
وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.
وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا
أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ
الدَّهْرِ»
2-
انجيل
مرقس
وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ
مَلَكُوتُ اللهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ».
فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا
تَصِيرَانِ صَيَّادَيِ النَّاسِ».
فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا شِبَاكَهُمَا وَتَبِعَاهُ.
فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلًا: «اخْرَسْ!
وَاخْرُجْ مِنْهُ!»
فَقَالَ لَهُمْ: «لِنَذْهَبْ إِلَى الْقُرَى
الْمُجَاوِرَةِ لأَكْرِزَ هُنَاكَ أَيْضًا، لأَنِّي لِهذَا خَرَجْتُ».
وَقَالَ لَهُ: «أُرِيدُ، فَاطْهُرْ
وَقَالَ لَهُ: «انْظُرْ، لاَ تَقُلْ لأَحَدٍ
شَيْئًا، بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ مَا
أَمَرَ بِهِ مُوسَى، شَهَادَةً لَهُمْ».
فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ، قَالَ
لِلْمَفْلُوجِ: «يَا بُنَيَّ، مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ».
فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِهذَا
فِي قُلُوبِكُمْ؟
أَيُّمَا أَيْسَرُ، أَنْ يُقَالَ لِلْمَفْلُوجِ:
مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ، أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ
وَامْشِ؟
وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ
الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا». قَالَ
لِلْمَفْلُوجِ:
«لَكَ أَقُولُ: قُمْ
وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!»
فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِيُ.
قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى
طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى
التَّوْبَةِ».
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو
الْعُرْسِ أَنْ يَصُومُوا وَالْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ
لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَصُومُوا.
وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ
الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ.
لَيْسَ أَحَدٌ يَخِيطُ رُقْعَةً مِنْ قِطْعَةٍ
جَدِيدَةٍ عَلَى ثَوْبٍ عَتِيق، وَإِلاَّ فَالْمِلْءُ الْجَدِيدُ يَأْخُذُ مِنَ
الْعَتِيقِ فَيَصِيرُ الْخَرْقُ أَرْدَأَ.
وَلَيْسَ أَحَدٌ يَجْعَلُ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي
زِقَاق عَتِيقَةٍ، لِئَلاَّ تَشُقَّ الْخَمْرُ الْجَدِيدَةُ الزِّقَاقَ،
فَالْخَمْرُ تَنْصَبُّ وَالزِّقَاقُ تَتْلَفُ. بَلْ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً
فِي زِقَاق جَدِيدَةٍ».
فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ مَا
فَعَلَهُ دَاوُدُ حِينَ احْتَاجَ وَجَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ مَعَهُ؟
كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ فِي أَيَّامِ
أَبِيَأَثَارَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَأَكَلَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذِي لاَ
يَحِلُّ أَكْلُهُ إِلاَّ لِلْكَهَنَةِ، وَأَعْطَى الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ
أَيْضًا».
ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ
لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ.
إِذًا ابْنُ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ
أَيْضًا».
فَقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَهُ الْيَدُ
الْيَابِسَةُ: «قُمْ فِي الْوَسْطِ!»
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يَحِلُّ فِي السَّبْتِ
فِعْلُ الْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ الشَّرِّ؟ تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ قَتْلٌ؟»
فَسَكَتُوا.
وَقَالَ
لِلرَّجُلِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَمَدَّهَا، فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى.
فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ أَنْ تُلاَزِمَهُ
سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ لِسَبَبِ الْجَمْعِ، كَيْ لاَ يَزْحَمُوهُ،
وَقَالَ لَهُمْ بِأَمْثَال: «كَيْفَ يَقْدِرُ
شَيْطَانٌ أَنْ يُخْرِجَ شَيْطَانًا؟
وَإِنِ انْقَسَمَتْ مَمْلَكَةٌ عَلَى ذَاتِهَا
لاَ تَقْدِرُ تِلْكَ الْمَمْلَكَةُ أَنْ تَثْبُتَ.
وَإِنِ انْقَسَمَ بَيْتٌ عَلَى ذَاتِهِ لاَ
يَقْدِرُ ذلِكَ الْبَيْتُ أَنْ يَثْبُتَ.
وَإِنْ قَامَ الشَّيْطَانُ عَلَى ذَاتِهِ
وَانْقَسَمَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَثْبُتَ، بَلْ يَكُونُ لَهُ انْقِضَاءٌ.
لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ
قَوِيٍّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلًا،
وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جَمِيعَ
الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ، وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا.
وَلكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ
فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ، بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً
أَبَدِيَّةً».
فَأَجَابَهُمْ قِائِلًا: «مَنْ أُمِّي
وَإِخْوَتِي؟»
وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي،
لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي
وَأُخْتِي وَأُمِّي».
وَقَالَ لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ
«اسْمَعُوا! هُوَذَا
الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ،
وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى
الطَّرِيقِ، فَجَاءَتْ طُيُورُ السَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُ.
وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى مَكَانٍ مُحْجِرٍ، حَيْثُ
لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالًا إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ
عُمْقُ أَرْضٍ.
وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ،
وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ.
وَسَقَطَ آخَرُ فِي الشَّوْكِ، فَطَلَعَ
الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ فَلَمْ يُعْطِ ثَمَرًا.
وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ،
فَأَعْطَى ثَمَرًا يَصْعَدُ وَيَنْمُو، فَأَتَى وَاحِدٌ بِثَلاَثِينَ وَآخَرُ
بِسِتِّينَ وَآخَرُ بِمِئَةٍ».
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ
لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ»
فَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ
تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ
فَبِالأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ،
لِكَيْ يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا،
وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا، لِئَلاَّ يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ
خَطَايَاهُمْ».
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَمَا تَعْلَمُونَ هذَا
الْمَثَلَ؟ فَكَيْفَ تَعْرِفُونَ جَمِيعَ الأَمْثَالِ؟
اَلزَّارِعُ يَزْرَعُ الْكَلِمَةَ.
وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ:
حَيْثُ تُزْرَعُ الْكَلِمَةُ، وَحِينَمَا يَسْمَعُونَ يَأْتِي الشَّيْطَانُ
لِلْوَقْتِ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ الْمَزْرُوعَةَ فِي قُلُوبِهِمْ.
وَهؤُلاَءِ كَذلِكَ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا
عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ: الَّذِينَ حِينَمَا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ
يَقْبَلُونَهَا لِلْوَقْتِ بِفَرَحٍ،
وَلكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَوَاتِهِمْ،
بَلْ هُمْ إِلَى حِينٍ.
فَبَعْدَ
ذلِكَ إِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ، فَلِلْوَقْتِ
يَعْثُرُونَ.
وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا بَيْنَ
الشَّوْكِ: هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ،
وَهُمُومُ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى
وَشَهَوَاتُ سَائِرِ الأَشْيَاءِ تَدْخُلُ وَتَخْنُقُ الْكَلِمَةَ فَتَصِيرُ بِلاَ
ثَمَرٍ.
وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى
الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ:
الَّذِينَ
يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا، وَيُثْمِرُونَ: وَاحِدٌ
ثَلاَثِينَ وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ مِئَةً».
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يُؤْتَى بِسِرَاجٍ
لِيُوضَعَ تَحْتَ الْمِكْيَالِ أَوْ تَحْتَ السَّرِيرِ؟ أَلَيْسَ لِيُوضَعَ عَلَى
الْمَنَارَةِ؟
لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ خَفِيٌّ لاَ يُظْهَرُ،
وَلاَ صَارَ مَكْتُومًا إِلاَّ لِيُعْلَنَ.
إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ،
فَلْيَسْمَعْ»
وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا مَا تَسْمَعُونَ!
بِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ وَيُزَادُ لَكُمْ أَيُّهَا
السَّامِعُونَ.
لأَنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى، وَأَمَّا مَنْ
لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ».
وَقَالَ: «هكَذَا مَلَكُوتُ اللهِ: كَأَنَّ
إِنْسَانًا يُلْقِي الْبِذَارَ عَلَى الأَرْضِ،
وَيَنَامُ وَيَقُومُ لَيْلًا وَنَهَارًا،
وَالْبِذَارُ يَطْلُعُ وَيَنْمُو، وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ كَيْفَ،
لأَنَّ الأَرْضَ مِنْ ذَاتِهَا تَأْتِي بِثَمَرٍ.
أَوَّلًا نَبَاتًا، ثُمَّ سُنْبُلًا، ثُمَّ قَمْحًا مَلآنَ فِي السُّنْبُلِ.
وَأَمَّا مَتَى أَدْرَكَ الثَّمَرُ، فَلِلْوَقْتِ
يُرْسِلُ الْمِنْجَلَ لأَنَّ الْحَصَادَ قَدْ حَضَرَ».
وَقَالَ: «بِمَاذَا نُشَبِّهُ مَلَكُوتَ اللهِ؟
أَوْ بِأَيِّ مَثَل نُمَثِّلُهُ؟
مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل، مَتَى زُرِعَتْ فِي
الأَرْضِ فَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ.
وَلكِنْ مَتَى زُرِعَتْ تَطْلُعُ وَتَصِيرُ
أَكْبَرَ جَمِيعِ الْبُقُولِ، وَتَصْنَعُ أَغْصَانًا كَبِيرَةً، حَتَّى
تَسْتَطِيعَ طُيُورُ السَّمَاءِ أَنْ تَتَآوَى تَحْتَ ظِلِّهَا».
وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اسْكُتْ! اِبْكَمْ!».
وَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ
هكَذَا؟ كَيْفَ لاَ إِيمَانَ لَكُمْ؟»
قَالَ لَهُ: «اخْرُجْ مِنَ الإِنْسَانِ يَا
أَيُّهَا الرُّوحُ النَّجِسُ».
وَسَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ
بَلْ
قَالَ لَهُ: «اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ وَإِلَى أَهْلِكَ، وَأَخْبِرْهُمْ كَمْ
صَنَعَ الرَّبُّ بِكَ وَرَحِمَكَ
وَقَالَ: «مَنْ لَمَسَ ثِيَابِي؟»
فَقَالَ لَهَا: «يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ
شَفَاكِ، اذْهَبِي بِسَلاَمٍ وَكُونِي صَحِيحَةً مِنْ دَائِكِ
فَقَالَ لِرَئِيسِ الْمَجْمَعِ: «لاَ تَخَفْ! آمِنْ
فَقَطْ».
وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَتْبَعُهُ إِلاَّ
بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ، وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ.
وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تَضِجُّونَ وَتَبْكُونَ؟
لَمْ تَمُتِ الصَّبِيَّةُ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ».
وَقَالَ لَهَا: «طَلِيثَا، قُومِي!» الَّذِي
تَفْسِيرُهُ: يَا صَبِيَّةُ، لَكِ أَقُولُ: قُومِي!
فَأَوْصَاهُمْ كَثِيرًا أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ
بِذلِكَ. وَقَالَ أَنْ تُعْطَى لِتَأْكُلَ.
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ
إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِهِ وَفِي بَيْتِهِ».
وَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُمَا دَخَلْتُمْ بَيْتًا
فَأَقِيمُوا فِيهِ حَتَّى تَخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ.
وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ
لَكُمْ، فَاخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ وَانْفُضُوا التُّرَابَ الَّذِي تَحْتَ
أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ
سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا مِمَّا
لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ».
فَقَالَ لَهُمْ: «تَعَالَوْا أَنْتُمْ
مُنْفَرِدِينَ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ وَاسْتَرِيحُوا قَلِيلًا»..
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ
لِيَأْكُلُوا».
فَقَالَ لَهُمْ: «كَمْ رَغِيفًا عِنْدَكُمُ؟
فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ:
«ثِقُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا».
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا تَنَبَّأَ
إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ! كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هذَا
الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي
بَعِيدًا،
وَبَاطِلًا يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ
تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ.
لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ
وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: غَسْلَ الأَبَارِيقِ وَالْكُؤُوسِ،
وَأُمُورًا أُخَرَ كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ».
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا! رَفَضْتُمْ
وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ!
لأَنَّ مُوسَى قَالَ: أَكْرِمْ أَبَاكَ
وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمُ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا.
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: إِنْ قَالَ
إِنْسَانٌ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ، أَيْ هَدِيَّةٌ، هُوَ الَّذِي
تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي
فَلاَ تَدَعُونَهُ فِي مَا بَعْدُ يَفْعَلُ
شَيْئًا لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ
مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللهِ بِتَقْلِيدِكُمُ
الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُورًا كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ
وَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا مِنِّي كُلُّكُمْ
وَافْهَمُوا.
لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ خَارِجِ الإِنْسَانِ إِذَا
دَخَلَ فِيهِ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ، لكِنَّ الأَشْيَاءَ الَّتِي تَخْرُجُ
مِنْهُ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ.
إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ،
فَلْيَسْمَعْ
فَقَالَ لَهُمْ: «أَفَأَنْتُمْ أَيْضًا هكَذَا
غَيْرُ فَاهِمِينَ؟ أَمَا تَفْهَمُونَ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الإِنْسَانَ مِنْ
خَارِجٍ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ،
لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ إِلَى قَلْبِهِ بَلْ إِلَى
الْجَوْفِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْخَلاَءِ، وَذلِكَ يُطَهِّرُ كُلَّ
الأَطْعِمَةِ».
ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ
الإِنْسَانِ ذلِكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ.
لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ
النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً، فِسْقٌ، قَتْلٌ،
سِرْقَةٌ، طَمَعٌ، خُبْثٌ، مَكْرٌ، عَهَارَةٌ،
عَيْنٌ شِرِّيرَةٌ، تَجْدِيفٌ، كِبْرِيَاءُ، جَهْلٌ.
جَمِيعُ هذِهِ الشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ
الدَّاخِلِ وَتُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».
فَقَالَ لَهَا: «دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلًا
يَشْبَعُونَ، لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ
لِلْكِلاَبِ
فَقَالَ لَهَا: «لأَجْلِ هذِهِ الْكَلِمَةِ،
اذْهَبِي. قَدْ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ابْنَتِكِ
وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ
انْفَتِحْ.
وَقَالَ لَهُمْ:
«إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى
الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي وَلَيْسَ
لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ.
وَإِنْ صَرَفْتُهُمْ إِلَى بُيُوتِهِمْ
صَائِمِينَ يُخَوِّرُونَ فِي الطَّرِيقِ، لأَنَّ قَوْمًا مِنْهُمْ جَاءُوا مِنْ
بَعِيدٍ».
فَسَأَلَهُمْ: «كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟»
».
فَبَارَكَ وَقَالَ أَنْ يُقَدِّمُوا هذِهِ
أَيْضًا.
فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ وَقَالَ: «لِمَاذَا
يَطْلُبُ هذَا الْجِيلُ آيَةً؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يُعْطَى هذَا
الْجِيلُ آيَةً
وَأَوْصَاهُمْ قَائِلًا: «انْظُرُوا!
وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَخَمِيرِ هِيرُودُسَ»
فَعَلِمَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا
تُفَكِّرُونَ أَنْ لَيْسَ عِنْدَكُمْ خُبْزٌ؟ أَلاَ تَشْعُرُونَ بَعْدُ وَلاَ
تَفْهَمُونَ؟ أَحَتَّى الآنَ قُلُوبُكُمْ غَلِيظَةٌ؟
أَلَكُمْ أَعْيُنٌ وَلاَ تُبْصِرُونَ، وَلَكُمْ
آذَانٌ وَلاَ تَسْمَعُونَ، وَلاَ تَذْكُرُونَ؟
حِينَ كَسَّرْتُ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ
لِلْخَمْسَةِ الآلاَفِ، كَمْ قُفَّةً مَمْلُوَّةً كِسَرًا رَفَعْتُمْ؟» « ».
«وَحِينَ السَّبْعَةِ
لِلأَرْبَعَةِ الآلاَفِ، كَمْ سَلَّ كِسَرٍ مَمْلُوًّا رَفَعْتُمْ
».
فَقَالَ لَهُمْ: «كَيْفَ لاَ تَفْهَمُونَ؟»
وَسَأَلَهُ: هَلْ أَبْصَرَ شَيْئًا؟
فَأَرْسَلَهُ إِلَى بَيْتِهِ قَائِلًا: «لاَ
تَدْخُلِ الْقَرْيَةَ، وَلاَ تَقُلْ لأَحَدٍ فِي الْقَرْيَةِ
سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلًا لَهُمْ: «مَنْ
يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا؟»
فَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ
إِنِّي أَنَا؟»
وَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ابْنَ
الإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيُرْفَضَ مِنَ الشُّيُوخِ
وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ
يَقُومُ.
وَقَالَ الْقَوْلَ عَلاَنِيَةً..
فَانْتَهَرَ بُطْرُسَ قَائِلًا
«اذْهَبْ عَنِّي يَا
شَيْطَانُ! لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا للهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».
وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ
لَهُمْ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ
صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي.
فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ
يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ
فَهُوَ يُخَلِّصُهَا.
لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ
رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟
أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ
نَفْسِهِ؟
لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي فِي هذَا
الْجِيلِ الْفَاسِقِ الْخَاطِئِ، فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَسْتَحِي بِهِ مَتَى
جَاءَ بِمَجْدِ أَبِيهِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ».
وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ
مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوْا
مَلَكُوتَ اللهِ قَدْ أَتَى بِقُوَّةٍ».
وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي
أَوَّلًا وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ. وَكَيْفَ هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِ ابْنِ الإِنْسَانِ
أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا وَيُرْذَلَ.
لكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا أَيْضًا
قَدْ أَتَى، وَعَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ».
فَسَأَلَ الْكَتَبَةَ: «بِمَاذَا تُحَاوِرُونَهُمْ؟»
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الْجِيلُ
غَيْرُ الْمُؤْمِنِ، إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟
قَدِّمُوهُ إِلَيَّ!»
فَسَأَلَ أَبَاهُ: «كَمْ مِنَ الزَّمَانِ مُنْذُ
أَصَابَهُ هذَا؟»
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ
أَنْ تُؤْمِنَ. كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ
انْتَهَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ قَائِلًا لَهُ:
«أَيُّهَا الرُّوحُ الأَخْرَسُ الأَصَمُّ، أَنَا آمُرُكَ: اخْرُجْ مِنْهُ وَلاَ
تَدْخُلْهُ أَيْضًا!»
فَقَالَ لَهُمْ: «هذَا الْجِنْسُ لاَ يُمْكِنُ
أَنْ يَخْرُجَ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».
كَانَ يُعَلِّمُ تَلاَمِيذَهُ وَيَقُولُ لَهُمْ:
«إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ.
وَبَعْدَ أَنْ يُقْتَلَ يَقُومُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ».
وَإِذْ كَانَ فِي الْبَيْتِ سَأَلَهُمْ:
«بِمَاذَا كُنْتُمْ
تَتَكَالَمُونَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فِي الطَّرِيقِ؟»
وَقَالَ لَهُمْ: «إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ
يَكُونَ أَوَّلًا فَيَكُونُ آخِرَ الْكُلِّ وَخَادِمًا لِلْكُلِّ
وَقَالَ لَهُمْ
«مَنْ قَبِلَ وَاحِدًا
مِنْ أَوْلاَدٍ مِثْلَ هذَا بِاسْمِي يَقْبَلُنِي، وَمَنْ قَبِلَنِي فَلَيْسَ
يَقْبَلُنِي أَنَا بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي».
فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَمْنَعُوهُ، لأَنَّهُ
لَيْسَ أَحَدٌ يَصْنَعُ قُوَّةً بِاسْمِي وَيَسْتَطِيعُ سَرِيعًا أَنْ يَقُولَ
عَلَيَّ شَرًّا.
لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا.
لأَنَّ مَنْ سَقَاكُمْ كَأْسَ مَاءٍ بِاسْمِي
لأَنَّكُمْ لِلْمَسِيحِ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ.
«وَمَنْ أَعْثَرَ
أَحَدَ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي، فَخَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ
بِحَجَرِ رَحًى وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ.
وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ فَاقْطَعْهَا. خَيْرٌ
لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ يَدَانِ
وَتَمْضِيَ إِلَى جَهَنَّمَ، إِلَى النَّارِ الَّتِي لاَ تُطْفَأُ.
حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ
تُطْفَأُ.
وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا.
خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ رِجْلاَنِ
وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ فِي النَّارِ الَّتِي لاَ تُطْفَأُ.
حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ
تُطْفَأُ.
وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا.
خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ
عَيْنَانِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ النَّارِ.
حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ
تُطْفَأُ.
لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُمَلَّحُ بِنَارٍ، وَكُلَّ
ذَبِيحَةٍ تُمَلَّحُ بِمِلْحٍ.
اَلْمِلْحُ جَيِّدٌ. وَلكِنْ إِذَا صَارَ
الْمِلْحُ بِلاَ مُلُوحَةٍ، فَبِمَاذَا تُصْلِحُونَهُ؟ لِيَكُنْ لَكُمْ فِي
أَنْفُسِكُمْ مِلْحٌ، وَسَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا».
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «بِمَاذَا أَوْصَاكُمْ
مُوسَى؟»
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَجْلِ
قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ كَتَبَ لَكُمْ هذِهِ الْوَصِيَّةَ،
وَلكِنْ مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ، ذَكَرًا
وَأُنْثَى خَلَقَهُمَا اللهُ.
مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ
وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ،
وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا
لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ.
فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقْهُ
إِنْسَانٌ».
فَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ
وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي عَلَيْهَا.
وَإِنْ طَلَّقَتِ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا
وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ تَزْنِي».
فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ
لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ
لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ
مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ».
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي
صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ.
أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا:
لاَ
تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ
تَسْلُبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ».
وَقَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ:
اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي
السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلًا الصَّلِيبَ».
وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ
ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!»
فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ: «يَا
بَنِيَّ، مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ
اللهِ!
مُرُورُ جَمَل مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ
مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ»
فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ
النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ
مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ
لَكُمْ: لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا
أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا، لأَجْلِي وَلأَجْلِ
الإِنْجِيلِ،
إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هذَا
الزَّمَانِ، بُيُوتًا وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَدًا
وَحُقُولًا، مَعَ اضْطِهَادَاتٍ، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ.
وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ
آخِرِينَ، وَالآخِرُونَ أَوَّلِينَ».
. فَأَخَذَ الاثْنَيْ عَشَرَ أَيْضًا
وَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ عَمَّا سَيَحْدُثُ لَهُ
«هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ
إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ
وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى
الأُمَمِ،
فَيَهْزَأُونَ بِهِ وَيَجْلِدُونَهُ
وَيَتْفُلُونَ عَلَيْهِ وَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».
فَقَالَ لَهُمَا: «مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ
أَفْعَلَ لَكُمَا؟»
فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ
مَا تَطْلُبَانِ
. أَتَسْتَطِيعَانِ
أَنْ تَشْرَبَا الْكَأْسَ الَّتِي
أَشْرَبُهَا أَنَا، وَأَنْ تَصْطَبِغَا
بِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبغُ بِهَا أَنَا؟»
فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «أَمَّا الْكَأْسُ
الَّتِي أَشْرَبُهَا أَنَا فَتَشْرَبَانِهَا، وَبَالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبغُ
بِهَا أَنَا تَصْطَبِغَانِ.
وَأَمَّا الْجُلُوسُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ
يَسَارِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ إِلاَّ لِلَّذِينَ أُعِدَّ لَهُمْ».
فَدَعَاهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يُحْسَبُونَ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ،
وَأَنَّ عُظَمَاءَهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ.
فَلاَ يَكُونُ هكَذَا فِيكُمْ. بَلْ مَنْ أَرَادَ
أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ عَظِيمًا، يَكُونُ لَكُمْ خَادِمًا،
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ أَوَّلًا،
يَكُونُ لِلْجَمِيعِ عَبْدًا.
لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ
لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ».
فَوَقَفَ يَسُوعُ وَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى. »
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «مَاذَا تُرِيدُ
أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟»!»
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ. إِيمَانُكَ قَدْ
شَفَاكَ».
وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي
أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ وَأَنْتُمَا دَاخِلاَنِ إِلَيْهَا تَجِدَانِ جَحْشًا
مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ. فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا
بِهِ.
وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ: لِمَاذَا
تَفْعَلاَنِ هذَا؟ فَقُولاَ
: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ
إِلَيْهِ. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُ إِلَى هُنَا
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «لاَ يَأْكُلْ
أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!»
قَائِلًا لَهُمْ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا: بَيْتِي
بَيْتَ صَلاَةٍ يُدْعَى لِجَمِيعِ الأُمَمِ؟ وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ
لُصُوصٍ».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ : «لِيَكُنْ
لَكُمْ إِيمَانٌ بِاللهِ.
لأَنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ
قَالَ لِهذَا الْجَبَلِ
: انْتَقِلْ
وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ! وَلاَ يَشُكُّ فِي قَلْبِهِ، بَلْ يُؤْمِنُ أَنَّ مَا
يَقُولُهُ يَكُونُ، فَمَهْمَا قَالَ يَكُونُ لَهُ.
لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ
حِينَمَا تُصَلُّونَ، فَآمِنُوا أَنْ تَنَالُوهُ، فَيَكُونَ لَكُمْ.
وَمَتَى وَقَفْتُمْ تُصَلُّونَ، فَاغْفِرُوا إِنْ
كَانَ لَكُمْ عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ، لِكَيْ يَغْفِرَ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ
الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ زَلاَتِكُمْ.
وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا أَنْتُمْ لاَ يَغْفِرْ
أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَيْضًا زَلاَتِكُمْ.
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنَا
أَيْضًا أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً. أَجِيبُونِي، فَأَقُولَ لَكُمْ بِأَيِّ
سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا
مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنَ السَّمَاءِ
كَانَتْ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟ أَجِيبُونِي
فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «وَلاَ أَنَا
أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا
وَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ بِأَمْثَال:
«إِنْسَانٌ غَرَسَ كَرْمًا وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ، وَحَفَرَ حَوْضَ مَعْصَرَةٍ،
وَبَنَى بُرْجًا، وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ.
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى الْكَرَّامِينَ فِي
الْوَقْتِ عَبْدًا لِيَأْخُذَ مِنَ الْكَرَّامِينَ مِنْ ثَمَرِ الْكَرْمِ،
فَأَخَذُوهُ وَجَلَدُوهُ وَأَرْسَلُوهُ فَارِغًا.
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَيْضًا عَبْدًا
آخَرَ، فَرَجَمُوهُ وَشَجُّوهُ وَأَرْسَلُوهُ مُهَانًا.
ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضًا آخَرَ، فَقَتَلُوهُ.
ثُمَّ آخَرِينَ كَثِيرِينَ، فَجَلَدُوا مِنْهُمْ بَعْضًا وَقَتَلُوا بَعْضًا.
فَإِذْ كَانَ لَهُ أَيْضًا ابْنٌ وَاحِدٌ حَبِيبٌ
إِلَيْهِ، أَرْسَلَهُ أَيْضًا إِلَيْهِمْ أَخِيرًا، قَائِلًا: إِنَّهُمْ
يَهَابُونَ ابْنِي!
وَلكِنَّ أُولئِكَ الْكَرَّامِينَ قَالُوا فِيمَا
بَيْنَهُمْ: هذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ فَيَكُونَ لَنَا
الْمِيرَاثُ!
فَأَخَذُوهُ وَقَتَلُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ
الْكَرْمِ.
فَمَاذَا يَفْعَلُ صَاحِبُ الْكَرْمِ؟ يَأْتِي
وَيُهْلِكُ الْكَرَّامِينَ، وَيُعْطِي الْكَرْمَ إِلَى آخَرِينَ.
أَمَا قَرَأْتُمْ هذَا الْمَكْتُوبَ: الْحَجَرُ الَّذِي
رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ، هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ؟
مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا، وَهُوَ عَجِيبٌ
فِي أَعْيُنِنَا!»
فَعَلِمَ رِيَاءَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا
تُجَرِّبُونَنِي؟ اِيتُونِي بِدِينَارٍ لأَنْظُرَهُ».
فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ
وَالْكِتَابَةُ؟»
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا مَا
لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُمْ: «أَلَيْسَ
لِهذَا تَضِلُّونَ، إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ؟
لأَنَّهُمْ مَتَى قَامُوا مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ
يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةٍ فِي
السَّمَاوَاتِ.
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأَمْوَاتِ إِنَّهُمْ
يَقُومُونَ: أَفَمَا قَرَأْتُمْ فِي كِتَابِ مُوسَى، فِي أَمْرِ الْعُلَّيْقَةِ،
كَيْفَ كَلَّمَهُ اللهُ قَائِلًا: أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ
وَإِلهُ يَعْقُوبَ؟
لَيْسَ هُوَ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ
أَحْيَاءٍ. فَأَنْتُمْ إِذًا تَضِلُّونَ كَثِيرًا!»
فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ
الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ.
وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ،
وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هذِهِ
هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى.
وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ
كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ
قَالَ لَهُ: «لَسْتَ بَعِيدًا عَنْ مَلَكُوتِ
اللهِ
ثُمَّ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ وَهُوَ يُعَلِّمُ
فِي الْهَيْكَلِ: «كَيْفَ يَقُولُ الْكَتَبَةُ إِنَّ الْمَسِيحَ ابْنُ دَاوُدَ
لأَنَّ دَاوُدَ نَفْسَهُ قَالَ بِالرُّوحِ
الْقُدُسِ: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي، حَتَّى أَضَعَ
أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ.
فَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَدْعُوهُ رَبًّا. فَمِنْ
أَيْنَ هُوَ ابْنُهُ؟».
وَقَالَ لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ: «تَحَرَّزُوا
مِنَ الْكَتَبَةِ، الَّذِينَ يَرْغَبُونَ الْمَشْيَ بِالطَّيَالِسَةِ،
وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ،
وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ،
وَالْمُتَّكَآتِ الأُولَى فِي الْوَلاَئِمِ.
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ،
وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ الصَّلَوَاتِ. هؤُلاَءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ
فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ
مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ،
لأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا.
وَأَمَّا هذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا، كُلَّ
مَعِيشَتِهَا
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «أَتَنْظُرُ
هذِهِ الأَبْنِيَةَ الْعَظِيمَةَ؟ لاَ يُتْرَكُ حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ
فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَابْتَدَأَ يَقُولُ:
«انْظُرُوا! لاَ يُضِلُّكُمْ أَحَدٌ.
فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي
قَائِلِينَ: إِنِّي أَنَا هُوَ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ.
فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحُرُوبٍ وَبِأَخْبَارِ
حُرُوبٍ فَلاَ تَرْتَاعُوا، لأَنَّهَا لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ، وَلكِنْ لَيْسَ
الْمُنْتَهَى بَعْدُ.
لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ،
وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ زَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ، وَتَكُونُ
مَجَاعَاتٌ وَاضْطِرَابَاتٌ. هذِهِ مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ.
فَانْظُرُوا إِلَى نُفُوسِكُمْ. لأَنَّهُمْ
سَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَتُجْلَدُونَ فِي مَجَامِعَ، وَتُوقَفُونَ
أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ، مِنْ أَجْلِي، شَهَادَةً لَهُمْ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَزَ أَوَّلًا
بِالإِنْجِيلِ فِي جَمِيعِ الأُمَمِ.
فَمَتَى سَاقُوكُمْ لِيُسَلِّمُوكُمْ، فَلاَ
تَعْتَنُوا مِنْ قَبْلُ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ وَلاَ تَهْتَمُّوا، بَلْ مَهْمَا
أُعْطِيتُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَبِذلِكَ تَكَلَّمُوا. لأَنْ لَسْتُمْ
أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلِ الرُّوحُ الْقُدُسُ.
وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ،
وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ.
وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ
أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنَّ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ.
فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ»
الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ، قَائِمَةً حَيْثُ لاَ يَنْبَغِي. -
لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ - فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ
إِلَى الْجِبَالِ،
وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ إِلَى
الْبَيْتِ وَلاَ يَدْخُلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا،
وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجِعْ إِلَى
الْوَرَاءِ لِيَأْخُذَ ثَوْبَهُ.
وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي
تِلْكَ الأَيَّامِ!
وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي
شِتَاءٍ.
لأَنَّهُ يَكُونُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ ضِيقٌ
لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْخَلِيقَةِ الَّتِي خَلَقَهَا اللهُ
إِلَى الآنَ، وَلَنْ يَكُونَ.
وَلَوْ لَمْ يُقَصِّرِ الرَّبُّ تِلْكَ
الأَيَّامَ، لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ.
وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ الَّذِينَ
اخْتَارَهُمْ، قَصَّرَ الأَيَّامَ
حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا
الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا
لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ
وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، وَيُعْطُونَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، لِكَيْ يُضِلُّوا لَوْ
أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا.
فَانْظُرُوا أَنْتُمْ. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ
وَأَخْبَرْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ.
«وَأَمَّا فِي تِلْكَ
الأَيَّامِ بَعْدَ ذلِكَ الضِّيقِ، فَالشَّمْسُ تُظْلِمُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي
ضَوْءَهُ،
وَنُجُومُ السَّمَاءِ تَتَسَاقَطُ، وَالْقُوَّاتُ
الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ.
وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ
آتِيًا فِي سَحَابٍ بِقُوَّةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ،
فَيُرْسِلُ حِينَئِذٍ مَلاَئِكَتَهُ وَيَجْمَعُ
مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى
أَقْصَاءِ السَّمَاءِ.
فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ:
مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقًا، تَعْلَمُونَ أَنَّ
الصَّيْفَ قَرِيبٌ.
هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذِهِ
الأَشْيَاءَ صَائِرَةً، فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا
الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ.
اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ
كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.
«وَأَمَّا ذلِكَ
الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ
الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ.
اُنْظُرُوا! اِسْهَرُوا وَصَلُّوا، لأَنَّكُمْ لاَ
تَعْلَمُونَ مَتَى يَكُونُ الْوَقْتُ.
كَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ تَرَكَ بَيْتَهُ،
وَأَعْطَى عَبِيدَهُ السُّلْطَانَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَأَوْصَى
الْبَوَّابَ أَنْ يَسْهَرَ.
اِسْهَرُوا إِذًا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
مَتَى يَأْتِي رَبُّ الْبَيْتِ، أَمَسَاءً، أَمْ نِصْفَ اللَّيْلِ، أَمْ صِيَاحَ
الدِّيكِ، أَمْ صَبَاحًا.
لِئَلاَّ يَأْتِيَ بَغْتَةً فَيَجِدَكُمْ
نِيَامًا!
وَمَا أَقُولُهُ لَكُمْ أَقُولُهُ لِلْجَمِيعِ:
اسْهَرُوا
أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: «اتْرُكُوهَا! لِمَاذَا
تُزْعِجُونَهَا؟ قَدْ عَمِلَتْ بِي عَمَلًا حَسَنًا!
لأَنَّ الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ،
وَمَتَى أَرَدْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِمْ خَيْرًا. وَأَمَّا أَنَا
فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ.
عَمِلَتْ مَا عِنْدَهَا. قَدْ سَبَقَتْ
وَدَهَنَتْ بِالطِّيبِ جَسَدِي لِلتَّكْفِينِ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: حَيْثُمَا يُكْرَزْ
بِهذَا الإِنْجِيلِ فِي كُلِّ الْعَالَمِ، يُخْبَرْ أَيْضًا بِمَا فَعَلَتْهُ
هذِهِ، تَذْكَارًا لَهَا
وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى الْمَدِينَةِ،
فَيُلاَقِيَكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ جَرَّةَ مَاءٍ.
اِتْبَعَاهُ.
وَحَيْثُمَا يَدْخُلْ فَقُولاَ لِرَبِّ
الْبَيْتِ: إِنَّ الْمُعَلِّمَ يَقُولُ: أَيْنَ الْمَنْزِلُ حَيْثُ آكُلُ
الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي؟
فَهُوَ يُرِيكُمَا عِلِّيَّةً كَبِيرَةً
مَفْرُوشَةً مُعَدَّةً. هُنَاكَ أَعِدَّا لَنَا».
قَالَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ
وَاحِدًا مِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي. اَلآكِلُ مَعِي
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «هُوَ وَاحِدٌ مِنَ
الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يَغْمِسُ مَعِي فِي الصَّحْفَةِ
إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ
مَكْتُوبٌ عَنْهُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ
الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْرًا لِذلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ!»
وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ، أَخَذَ يَسُوعُ
خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ، وَأَعْطَاهُمْ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا، هذَا هُوَ
جَسَدِي».
ثُمَّ أَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ،
فَشَرِبُوا مِنْهَا كُلُّهُمْ.
وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي
لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ، الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ أَشْرَبُ
بَعْدُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ
جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ اللهِ
وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «إِنَّ كُلَّكُمْ
تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنِّي أَضْرِبُ
الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ الْخِرَافُ.
وَلكِنْ بَعْدَ قِيَامِي أَسْبِقُكُمْ إِلَى
الْجَلِيلِ».
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ:
إِنَّكَ الْيَوْمَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ
مَرَّتَيْنِ، تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ».
فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «اجْلِسُوا ههُنَا
حَتَّى أُصَلِّيَ».
فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى
الْمَوْتِ! اُمْكُثُوا هُنَا وَاسْهَرُوا».
وَقَالَ: «يَا أَبَا الآبُ، كُلُّ شَيْءٍ
مُسْتَطَاعٌ لَكَ، فَأَجِزْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِيَكُنْ لاَ مَا
أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ».
فَقَالَ
لِبُطْرُسَ: «يَا سِمْعَانُ، أَنْتَ نَائِمٌ! أَمَا قَدَرْتَ أَنْ تَسْهَرَ سَاعَةً
وَاحِدَةً؟
اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي
تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ
وَمَضَى أَيْضًا وَصَلَّى قَائِلًا ذلِكَ
الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ.
ثُمَّ جَاءَ ثَالِثَةً وَقَالَ لَهُمْ: «نَامُوا
الآنَ وَاسْتَرِيحُوا
يَكْفِي! قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ! هُوَذَا ابْنُ الإِنْسَانِ
يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي الْخُطَاةِ.
قُومُوا لِنَذْهَبَ! هُوَذَا الَّذِي
يُسَلِّمُنِي قَدِ اقْتَرَبَ!»
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «كَأَنَّهُ
عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ لِتَأْخُذُونِي!
كُلَّ يَوْمٍ كُنْتُ مَعَكُمْ فِي الْهَيْكَلِ
أُعَلِّمُ وَلَمْ تُمْسِكُونِي! وَلكِنْ لِكَيْ تُكْمَلَ الْكُتُبُ».
فَقَالَ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ
تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي
سَحَابِ السَّمَاءِ».
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ تَقُولُ».
صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلًا
«إِلُوِي، إِلُوِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلهِي،
إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟
فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ
الرُّوحَ.
أَخِيرًا ظَهَرَ لِلأَحَدَ عَشَرَ وَهُمْ
مُتَّكِئُونَ، وَوَبَّخَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ، لأَنَّهُمْ
لَمْ يُصَدِّقُوا الَّذِينَ نَظَرُوهُ قَدْ قَامَ.
وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ
أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا.
مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ
يُؤْمِنْ يُدَنْ.
٣ـ انجيل لوقا
فَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا كُنْتُمَا
تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟»
فَأَجَابَهُ يَسُوعُ قِائِلًا: «مَكْتُوبٌ: أَنْ
لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ
اللهِ».
فَأَجَابَهُ يَسُوعُ وَقَالَ: «اذْهَبْ يَا
شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ:
لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «إِنَّهُ قِيلَ:
لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلهَكَ».
فَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ: «إِنَّهُ الْيَوْمَ
قَدْ تَمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ».
فَقَالَ لَهُمْ: «عَلَى كُلِّ حَال تَقُولُونَ
لِي هذَا الْمَثَلَ:
أَيُّهَا الطَّبِيبُ اشْفِ نَفْسَكَ! كَمْ سَمِعْنَا أَنَّهُ
جَرَى فِي كَفْرِنَاحُومَ، فَافْعَلْ ذلِكَ هُنَا أَيْضًا فِي وَطَنِكَ»
وَقَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ
لَيْسَ نَبِيٌّ مَقْبُولًا فِي وَطَنِهِ.
وَبِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَرَامِلَ
كَثِيرَةً كُنَّ فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِ إِيلِيَّا حِينَ أُغْلِقَتِ
السَّمَاءُ مُدَّةَ ثَلاَثِ سِنِينَ وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ، لَمَّا كَانَ جُوعٌ عَظِيمٌ
فِي الأَرْضِ كُلِّهَا،
وَلَمْ يُرْسَلْ إِيلِيَّا إِلَى وَاحِدَةٍ
مِنْهَا، إِلاَّ إِلَى امْرَأَةٍ أَرْمَلَةٍ، إِلَى صَرْفَةِ صَيْدَاءَ.
وَبُرْصٌ كَثِيرُونَ كَانُوا فِي إِسْرَائِيلَ
فِي زَمَانِ أَلِيشَعَ النَّبِيِّ، وَلَمْ يُطَهَّرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ
نُعْمَانُ السُّرْيَانِيُّ».
فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلًا: «اخْرَسْ!
وَاخْرُجْ مِنْهُ!»
فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ
أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضًا بِمَلَكُوتِ اللهِ، لأَنِّي لِهذَا قَدْ
أُرْسِلْتُ».
قَالَ لِسِمْعَانَ: «ابْعُدْ إِلَى الْعُمْقِ
وَأَلْقُوا شِبَاكَكُمْ لِلصَّيْدِ».
فَقَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَانَ: «لاَ تَخَفْ
مِنَ الآنَ تَكُونُ تَصْطَادُ النَّاسَ!»
فَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلًا: «أُرِيدُ،
فَاطْهُرْ!».
فَأَوْصَاهُ أَنْ لاَ يَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ
«امْضِ وَأَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ، وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ كَمَا أَمَرَ
مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ».
قَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الإِنْسَانُ، مَغْفُورَةٌ
لَكَ خَطَايَاكَ».
فَشَعَرَ يَسُوعُ بِأَفْكَارِهِمْ، وَأَجَابَ
وَقَالَ لَهُمْ: «مَاذَا تُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِكُمْ؟
أَيُّمَا أَيْسَرُ: أَنْ يُقَالَ: مَغْفُورَةٌ
لَكَ خَطَايَاكَ، أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَامْشِ؟
وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ
الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا»، قَالَ
لِلْمَفْلُوجِ: «لَكَ أَقُولُ:
قُمْ وَاحْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!»
، فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ
الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ، بَلِ الْمَرْضَى.
لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً
إِلَى التَّوْبَةِ».
فَقَالَ لَهُمْ: «أَتَقْدِرُونَ أَنْ تَجْعَلُوا
بَنِي الْعُرْسِ يَصُومُونَ مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟
وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ
الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ».
وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا مَثَلًا: «لَيْسَ أَحَدٌ
يَضَعُ رُقْعَةً مِنْ ثَوْبٍ جَدِيدٍ عَلَى ثَوْبٍ عَتِيق، وَإِلاَّ فَالْجَدِيدُ
يَشُقُّهُ، وَالْعَتِيقُ لاَ تُوافِقُهُ الرُّقْعَةُ الَّتِي مِنَ الْجَدِيدِ.
وَلَيْسَ أَحَدٌ يَجْعَلُ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي
زِقَاق عَتِيقَةٍ لِئَلاَّ تَشُقَّ الْخَمْرُ الْجَدِيدَةُ الزِّقَاقَ، فَهِيَ
تُهْرَقُ وَالزِّقَاقُ تَتْلَفُ.
بَلْ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق
جَدِيدَةٍ، فَتُحْفَظُ جَمِيعًا.
وَلَيْسَ أَحَدٌ إِذَا شَرِبَ الْعَتِيقَ يُرِيدُ
لِلْوَقْتِ الْجَدِيدَ، لأَنَّهُ يَقُولُ: الْعَتِيقُ أَطْيَبُ».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا
قَرَأْتُمْ وَلاَ هذَا الَّذِي فَعَلَهُ دَاوُدُ، حِينَ جَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ
كَانُوا مَعَهُ؟
كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ وَأَخَذَ خُبْزَ
التَّقْدِمَةِ وَأَكَلَ، وَأَعْطَى الَّذِينَ مَعَهُ أَيْضًا، الَّذِي لاَ يَحِلُّ
أَكْلُهُ إِلاَّ لِلْكَهَنَةِ فَقَطْ»
وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ هُوَ
رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا».
أَمَّا هُوَ فَعَلِمَ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ
لِلرَّجُلِ الَّذِي يَدُهُ يَابِسَةٌ: «قُمْ وَقِفْ فِي الْوَسْطِ». فَقَامَ
وَوَقَفَ.
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَسْأَلُكُمْ
شَيْئًا: هَلْ يَحِلُّ فِي السَّبْتِ فِعْلُ الْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ الشَّرِّ؟
تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ إِهْلاَكُهَا؟»
ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى جَمِيعِهِمْ وَقَالَ
لِلرَّجُلِ: «مُدَّ يَدَكَ»..
وَقَالَ: «طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْمَسَاكِينُ،
لأَنَّ لَكُمْ مَلَكُوتَ اللهِ.
طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْجِيَاعُ الآنَ،
لأَنَّكُمْ تُشْبَعُونَ. طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْبَاكُونَ الآنَ، لأَنَّكُمْ
سَتَضْحَكُونَ.
طُوبَاكُمْ إِذَا أَبْغَضَكُمُ النَّاسُ، وَإِذَا
أَفْرَزُوكُمْ وَعَيَّرُوكُمْ، وَأَخْرَجُوا اسْمَكُمْ كَشِرِّيرٍ مِنْ أَجْلِ
ابْنِ الإِنْسَانِ.
اِفْرَحُوا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَتَهَلَّلُوا،
فَهُوَذَا أَجْرُكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاءِ. لأَنَّ آبَاءَهُمْ هكَذَا كَانُوا
يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ.
وَلكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ،
لأَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمْ عَزَاءَكُمْ.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الشَّبَاعَى، لأَنَّكُمْ
سَتَجُوعُونَ. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الضَّاحِكُونَ الآنَ، لأَنَّكُمْ
سَتَحْزَنُونَ وَتَبْكُونَ.
وَيْلٌ لَكُمْ إِذَا قَالَ فِيكُمْ جَمِيعُ
النَّاسِ حَسَنًا. لأَنَّهُ هكَذَا كَانَ آبَاؤُهُمْ يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ
الْكَذَبَةِ.
«لكِنِّي أَقُولُ
لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى
مُبْغِضِيكُمْ،
بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ
الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ.
مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ
الآخَرَ أَيْضًا، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضًا.
وَكُلُّ مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَخَذَ
الَّذِي لَكَ فَلاَ تُطَالِبْهُ.
وَكَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ
بِكُمُ افْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ هكَذَا.
وَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ،
فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يُحِبُّونَ الَّذِينَ
يُحِبُّونَهُمْ.
وَإِذَا أَحْسَنْتُمْ إِلَى الَّذِينَ
يُحْسِنُونَ إِلَيْكُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا
يَفْعَلُونَ هكَذَا.
وَإِنْ أَقْرَضْتُمُ الَّذِينَ تَرْجُونَ أَنْ
تَسْتَرِدُّوا مِنْهُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا
يُقْرِضُونَ الْخُطَاةَ لِكَيْ يَسْتَرِدُّوا مِنْهُمُ الْمِثْلَ.
بَلْ أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، وَأَحْسِنُوا
وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئًا، فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيمًا
وَتَكُونُوا بَنِي الْعَلِيِّ، فَإِنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى غَيْرِ الشَّاكِرِينَ
وَالأَشْرَارِ.
فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ
أَيْضًا رَحِيمٌ.
«وَلاَ تَدِينُوا فَلاَ
تُدَانُوا. لاَ تَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ فَلاَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ. اِغْفِرُوا
يُغْفَرْ لَكُمْ.
أَعْطُوا تُعْطَوْا، كَيْلًا جَيِّدًا مُلَبَّدًا
مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَيْلِ
الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ
وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا: «هَلْ يَقْدِرُ أَعْمَى
أَنْ يَقُودَ أَعْمَى؟ أَمَا يَسْقُطُ الاثْنَانِ فِي حُفْرَةٍ؟
لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنْ مُعَلِّمِهِ،
بَلْ كُلُّ مَنْ صَارَ كَامِلًا يَكُونُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ.
لِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ
أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟
أَوْ كَيْفَ تَقْدِرُ أَنْ تَقُولَ لأَخِيكَ: يَا
أَخِي، دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِكَ، وَأَنْتَ لاَ تَنْظُرُ
الْخَشَبَةَ الَّتِي فِي عَيْنِكَ؟ يَا مُرَائِي! أَخْرِجْ أَوَّلًا الْخَشَبَةَ
مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى الَّذِي فِي
عَيْنِ أَخِيكَ.
«لأَنَّهُ مَا مِنْ
شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تُثْمِرُ ثَمَرًا رَدِيًّا، وَلاَ شَجَرَةٍ رَدِيَّةٍ تُثْمِرُ
ثَمَرًا جَيِّدًا.
لأَنَّ كُلَّ شَجَرَةٍ تُعْرَفُ مِنْ ثَمَرِهَا.
فَإِنَّهُمْ لاَ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ تِينًا، وَلاَ يَقْطِفُونَ مِنَ
الْعُلَّيْقِ عِنَبًا.
اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ
الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ
الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ
فَمُهُ.
«وَلِمَاذَا
تَدْعُونَنِي: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ، وَأَنْتُمْ لاَ تَفْعَلُونَ مَا أَقُولُهُ؟
كُلُّ مَنْ يَأْتِي إِلَيَّ وَيَسْمَعُ كَلاَمِي
وَيَعْمَلُ بِهِ أُرِيكُمْ مَنْ يُشْبِهُ.
يُشْبِهُ إِنْسَانًا بَنَى بَيْتًا، وَحَفَرَ
وَعَمَّقَ وَوَضَعَ الأَسَاسَ عَلَى الصَّخْرِ. فَلَمَّا حَدَثَ سَيْلٌ صَدَمَ
النَّهْرُ ذلِكَ الْبَيْتَ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُزَعْزِعَهُ، لأَنَّهُ كَانَ
مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ.
وَأَمَّا الَّذِي يَسْمَعُ وَلاَ يَعْمَلُ،
فَيُشْبِهُ إِنْسَانًا بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دُونِ أَسَاسٍ،
فَصَدَمَهُ النَّهْرُ فَسَقَطَ حَالًا، وَكَانَ خَرَابُ ذلِكَ الْبَيْتِ عَظِيمًا!»
وَقَالَ: «أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ أَجِدْ وَلاَ فِي
إِسْرَائِيلَ إِيمَانًا بِمِقْدَارِ هذَا!»
وَقَالَ لَهَا: «لاَ تَبْكِي».
فَقَالَ: «أَيُّهَا الشَّابُّ، لَكَ أَقُولُ:
قُمْ
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُماَ: «اذْهَبَا
وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا رَأَيْتُمَا وَسَمِعْتُمَا: إِنَّ الْعُمْيَ
يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصَ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمَّ
يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينَ يُبَشَّرُونَ.
وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ».
ابْتَدَأَ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا:
«مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا
الرِّيحُ؟
بَلْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟
أَإِنْسَانًا لاَبِسًا ثِيَابًا نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ فِي اللِّبَاسِ
الْفَاخِرِ وَالتَّنَعُّمِ هُمْ فِي قُصُورِ الْمُلُوكِ.
بَلْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟
أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ!
هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا
أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ!
لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ بَيْنَ
الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا
الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ أَعْظَمُ مِنْهُ».
ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ: «فَبِمَنْ أُشَبِّهُ
أُنَاسَ هذَا الْجِيلِ؟ وَمَاذَا يُشْبِهُونَ؟
يُشْبِهُونَ أَوْلاَدًا جَالِسِينَ فِي السُّوقِ
يُنَادُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَقُولُونَ: زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ
تَرْقُصُوا. نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَبْكُوا.
لأَنَّهُ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ لاَ
يَأْكُلُ خُبْزًا وَلاَ يَشْرَبُ خَمْرًا، فَتَقُولُونَ: بِهِ شَيْطَانٌ.
جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ،
فَتَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، مُحِبٌّ
لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ.
وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ جَمِيعِ بَنِيهَا».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «يَا سِمْعَانُ،
عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ». ».
«كَانَ لِمُدَايِنٍ
مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُمِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ.
وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ
سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟»
. فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ
وَقَالَ لِسِمْعَانَ: «أَتَنْظُرُ هذِهِ
الْمَرْأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ، وَمَاءً لأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ.
وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ
رَأْسِهَا.
قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي، وَأَمَّا هِيَ
فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ.
بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي، وَأَمَّا هِيَ
فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ.
مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ
خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ
قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلًا».
ثُمَّ قَالَ لَهَا: «مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ
فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «إِيمَانُكِ قَدْ
خَلَّصَكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ
قَالَ بِمَثَل:
«خَرَجَ الزَّارِعُ
لِيَزْرَعَ زَرْعَهُ. وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ،
فَانْدَاسَ وَأَكَلَتْهُ طُيُورُ السَّمَاءِ.
وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الصَّخْرِ، فَلَمَّا نَبَتَ
جَفَّ لأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ رُطُوبَةٌ.
وَسَقَطَ آخَرُ فِي وَسْطِ الشَّوْكِ، فَنَبَتَ
مَعَهُ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ.
وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الصَّالِحَةِ،
فَلَمَّا نَبَتَ صَنَعَ ثَمَرًا مِئَةَ ضِعْفٍ». قَالَ هذَا وَنَادَى: «مَنْ لَهُ
أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ!»
فَقَالَ: «لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ أَنْ تَعْرِفُوا
أَسْرَارَ مَلَكُوتِ اللهِ، وَأَمَّا لِلْبَاقِينَ فَبِأَمْثَال، حَتَّى إِنَّهُمْ
مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَفْهَمُونَ.
وَهذَا هُوَ الْمَثَلُ: الزَّرْعُ هُوَ كَلاَمُ
اللهِ،
وَالَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ هُمُ الَّذِينَ
يَسْمَعُونَ، ثُمَّ يَأْتِي إِبْلِيسُ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ مِنْ قُلُوبِهِمْ
لِئَلاَّ يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا.
وَالَّذِينَ عَلَى الصَّخْرِ هُمُ الَّذِينَ
مَتَى سَمِعُوا يَقْبَلُونَ الْكَلِمَةَ بِفَرَحٍ، وَهؤُلاَءِ لَيْسَ لَهُمْ
أَصْلٌ، فَيُؤْمِنُونَ إِلَى حِينٍ، وَفِي وَقْتِ التَّجْرِبَةِ يَرْتَدُّونَ.
وَالَّذِي سَقَطَ بَيْنَ الشَّوْكِ هُمُ
الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، ثُمَّ يَذْهَبُونَ فَيَخْتَنِقُونَ مِنْ هُمُومِ الْحَيَاةِ
وَغِنَاهَا وَلَذَّاتِهَا، وَلاَ يُنْضِجُونَ ثَمَرًا.
وَالَّذِي فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، هُوَ
الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَحْفَظُونَهَا فِي قَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ،
وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ.
«وَلَيْسَ أَحَدٌ
يُوقِدُ سِرَاجًا وَيُغَطِّيهِ بِإِنَاءٍ أَوْ يَضَعُهُ تَحْتَ سَرِيرٍ، بَلْ
يَضَعُهُ عَلَى مَنَارَةٍ، لِيَنْظُرَ الدَّاخِلُونَ النُّورَ.
لأَنَّهُ لَيْسَ خَفِيٌّ لاَ يُظْهَرُ، وَلاَ
مَكْتُومٌ لاَ يُعْلَمُ وَيُعْلَنُ.
فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْمَعُونَ، لأَنَّ مَنْ
لَهُ سَيُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي يَظُنُّهُ لَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ
الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا».
فَقَالَ لَهُمْ: «لِنَعْبُرْ إِلَى عَبْرِ
الْبُحَيْرَةِ». فَأَقْلَعُوا.
فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ وَتَمَوُّجَ
الْمَاءِ، فَانْتَهَيَا وَصَارَ هُدُوُّ.
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَيْنَ إِيمَانُكُمْ؟»
فَسَأَلَهُ يَسُوعُ قِائِلًا: «مَا اسْمُكَ.
، فَأَذِنَ لَهُمْ
قَائِلًا
«ارْجعْ إِلَى بَيْتِكَ
وَحَدِّثْ بِكَمْ صَنَعَ اللهُ بِكَ.
فَقَالَ يَسُوعُ: «مَنِ الَّذِي لَمَسَنِي؟»
فَقَالَ يَسُوعُ: «قَدْ لَمَسَنِي وَاحِدٌ،
لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّ قُوَّةً قَدْ خَرَجَتْ مِنِّي
فَقَالَ لَهَا: «ثِقِي يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ
قَدْ شَفَاكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ
فَسَمِعَ يَسُوعُ، وَأَجَابَهُ قِائِلًا: «لاَ
تَخَفْ! آمِنْ فَقَطْ، فَهِيَ تُشْفَى
فَقَالَ: «لاَ تَبْكُوا. لَمْ تَمُتْ لكِنَّهَا
نَائِمَةٌ
وَنَادَى قَائِلًا: «يَا صَبِيَّةُ، قُومِي
وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَحْمِلُوا شَيْئًا
لِلطَّرِيقِ: لاَ عَصًا وَلاَ مِزْوَدًا وَلاَ خُبْزًا وَلاَ فِضَّةً، وَلاَ
يَكُونُ لِلْوَاحِدِ ثَوْبَانِ.
وَأَيَّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَهُنَاكَ
أَقِيمُوا، وَمِنْ هُنَاكَ اخْرُجُوا.
وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ فَاخْرُجُوا مِنْ
تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا الْغُبَارَ أَيْضًا عَنْ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً
عَلَيْهِمْ».
فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ
لِيَأْكُلُوا
فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «أَتْكِئُوهُمْ فِرَقًا
خَمْسِينَ خَمْسِينَ
فَسَأَلَهُمْ قِائِلًا: «مَنْ تَقُولُ الْجُمُوعُ
أَنِّي أَنَا؟»
فَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ
أَنِّي أَنَا؟»
فَانْتَهَرَهُمْ وَأَوْصَى أَنْ لاَ يَقُولُوا
ذلِكَ لأَحَدٍ،
قَائِلًا: «إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ
يَتَأَلَّمُ كَثِيرًا، وَيُرْفَضُ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ
وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ
وَقَالَ لِلْجَمِيعِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ
يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ،
وَيَتْبَعْنِي.
فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ
يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي فَهذَا يُخَلِّصُهَا.
لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ
رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ، وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ أَوْ خَسِرَهَا؟
لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي، فَبِهذَا
يَسْتَحِي ابْنُ الإِنْسَانِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِهِ وَمَجْدِ الآبِ
وَالْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ.
حَقًّا أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ
ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوْا مَلَكُوتَ اللهِ
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الْجِيلُ
غَيْرُ الْمُؤْمِنِ وَالْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ
وَأَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمِ ابْنَكَ إِلَى هُنَا!»
قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ
«ضَعُوا أَنْتُمْ هذَا
الْكَلاَمَ فِي آذَانِكُمْ: إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى
أَيْدِي النَّاسِ».
وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ قَبِلَ هذَا الْوَلَدَ
بِاسْمِي يَقْبَلُنِي، وَمَنْ قَبِلَنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي، لأَنَّ
الأَصْغَرَ فِيكُمْ جَمِيعًا هُوَ يَكُونُ عَظِيمًا
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ تَمْنَعُوهُ، لأَنَّ
مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا
فَالْتَفَتَ وَانْتَهَرَهُمَا وَقَالَ:
«لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا
لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ
أَنْفُسَ النَّاسِ، بَلْ لِيُخَلِّصَ».
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ
أَوْجِرَةٌ، وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ
فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ
وَقَالَ لآخَرَ: «اتْبَعْنِي».
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «دَعِ الْمَوْتَى
يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ، وَأَمَّا أَنْتَ فَاذْهَبْ وَنَادِ بِمَلَكُوتِ اللهِ
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ
يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ
اللهِ
فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ الْحَصَادَ كَثِيرٌ،
وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ
يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ.
اِذْهَبُوا! هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ
حُمْلاَنٍ بَيْنَ ذِئَابٍ.
لاَ تَحْمِلُوا كِيسًا وَلاَ مِزْوَدًا وَلاَ
أَحْذِيَةً، وَلاَ تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ فِي الطَّرِيقِ.
وَأَيُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَقُولُوا
أَوَّلًا: سَلاَمٌ لِهذَا الْبَيْتِ.
فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ ابْنُ السَّلاَمِ يَحُلُّ
سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ، وَإِّلاَّ فَيَرْجعُ إِلَيْكُمْ.
وَأَقِيمُوا فِي ذلِكَ الْبَيْتِ آكِلِينَ
وَشَارِبِينَ مِمَّا عِنْدَهُمْ، لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌ أُجْرَتَهُ. لاَ
تَنْتَقِلُوا مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ.
وَأَيَّةَ مَدِينَةٍ دَخَلْتُمُوهَا
وَقَبِلُوكُمْ، فَكُلُوا مِمَّا يُقَدَّمُ لَكُمْ،
وَاشْفُوا الْمَرْضَى الَّذِينَ فِيهَا،
وَقُولُوا لَهُمْ: قَدِ اقْتَرَبَ مِنْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.
وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ دَخَلْتُمُوهَا وَلَمْ
يَقْبَلُوكُمْ، فَاخْرُجُوا إِلَى شَوَارِعِهَا وَقُولُوا:
حَتَّى الْغُبَارَ الَّذِي لَصِقَ بِنَا مِنْ
مَدِينَتِكُمْ نَنْفُضُهُ لَكُمْ. وَلكِنِ اعْلَمُوا هذَا إنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ
مِنْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.
وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَكُونُ لِسَدُومَ فِي
ذلِكَ الْيَوْمِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ
«وَيْلٌ لَكِ يَا
كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي صُورَ
وَصَيْدَاءَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكُمَا، لَتَابَتَا قَدِيمًا
جَالِسَتَيْنِ فِي الْمُسُوحِ وَالرَّمَادِ.
وَلكِنَّ صُورَ وَصَيْدَاءَ يَكُونُ لِهُمَا فِي
الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا مِمَّا لَكُمَا.
وَأَنْتِ يَا كَفْرَنَاحُومَ الْمُرْتَفِعَةُ
إِلَى السَّمَاءِ! سَتُهْبَطِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ.
اَلَّذِي يَسْمَعُ مِنْكُمْ يَسْمَعُ مِنِّي،
وَالَّذِي يُرْذِلُكُمْ يُرْذِلُنِي، وَالَّذِي يُرْذِلُنِي يُرْذِلُ الَّذِي
أَرْسَلَنِي
فَقَالَ لَهُمْ: «رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ سَاقِطًا
مِثْلَ الْبَرْقِ مِنَ السَّمَاءِ
هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا
الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُوِّ، وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ.
وَلكِنْ لاَ تَفْرَحُوا بِهذَا: أَنَّ
الأَرْوَاحَ تَخْضَعُ لَكُمْ، بَلِ افْرَحُوا بِالْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ
كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَهَلَّلَ يَسُوعُ
بِالرُّوحِ وَقَالَ
«أَحْمَدُكَ أَيُّهَا
الآبُ، رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ
وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنْ
هكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ
وَالْتَفَتَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «كُلُّ
شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي. وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ مَنْ هُوَ
الابْنُ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ مَنْ هُوَ الآبُ إِلاَّ الابْنُ، وَمَنْ أَرَادَ
الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ».
وَالْتَفَتَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ عَلَى انْفِرَادٍ
وَقَالَ: «طُوبَى لِلْعُيُونِ الَّتِي تَنْظُرُ مَا تَنْظُرُونَهُ
لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ
كَثِيرِينَ وَمُلُوكًا أَرَادُوا أَنْ يَنْظُرُوا مَا أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَلَمْ
يَنْظُرُوا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا
فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي
النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟
فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ
هذَا فَتَحْيَا
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «إِنْسَانٌ كَانَ
نَازِلًا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا، فَوَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ، فَعَرَّوْهُ
وَجَرَّحُوهُ، وَمَضَوْا وَتَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ.
فَعَرَضَ أَنَّ كَاهِنًا نَزَلَ فِي تِلْكَ
الطَّرِيقِ، فَرَآهُ وَجَازَ مُقَابِلَهُ.
وَكَذلِكَ لاَوِيٌّ أَيْضًا، إِذْ صَارَ عِنْدَ
الْمَكَانِ جَاءَ وَنَظَرَ وَجَازَ مُقَابِلَهُ.
وَلكِنَّ سَامِرِيًّا مُسَافِرًا جَاءَ إِلَيْهِ،
وَلَمَّا رَآهُ تَحَنَّنَ،
فَتَقَدَّمَ وَضَمَدَ جِرَاحَاتِهِ، وَصَبَّ
عَلَيْهَا زَيْتًا وَخَمْرًا، وَأَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَأَتَى بِهِ إِلَى
فُنْدُق وَاعْتَنَى بِهِ.
وَفِي الْغَدِ لَمَّا مَضَى أَخْرَجَ
دِينَارَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ الْفُنْدُقِ، وَقَالَ لَهُ: اعْتَنِ بِهِ،
وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ أَكْثَرَ فَعِنْدَ رُجُوعِي أُوفِيكَ.
فَأَيَّ هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ تَرَى صَارَ
قَرِيبًا لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ اللُّصُوصِ؟»
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ أَنْتَ أَيْضًا
وَاصْنَعْ هكَذَا
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَها: «مَرْثَا،
مَرْثَا، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ،
وَلكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ
مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا
فَقَالَ لَهُمْ: «مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا:
أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ، لِيَأْتِ
مَلَكُوتُكَ، لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ.
خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا كُلَّ يَوْمٍ،
وَاغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا لأَنَّنَا نَحْنُ
أَيْضًا نَغْفِرُ لِكُلِّ مَنْ يُذْنِبُ إِلَيْنَا، وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي
تَجْرِبَةٍ لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «مَنْ مِنْكُمْ يَكُونُ لَهُ
صَدِيقٌ، وَيَمْضِي إِلَيْهِ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُولُ لَهُ يَا صَدِيقُ،
أَقْرِضْنِي ثَلاَثَةَ أَرْغِفَةٍ،
لأَنَّ صَدِيقًا لِي جَاءَنِي مِنْ سَفَرٍ،
وَلَيْسَ لِي مَا أُقَدِّمُ لَهُ.
فَيُجِيبَ ذلِكَ مِنْ دَاخِل وَيَقُولَ: لاَ
تُزْعِجْنِي! اَلْبَابُ مُغْلَقٌ الآنَ، وَأَوْلاَدِي مَعِي فِي الْفِرَاشِ. لاَ
أَقْدِرُ أَنْ أَقُومَ وَأُعْطِيَكَ.
أَقُولُ لَكُمْ: وَإِنْ كَانَ لاَ يَقُومُ
وَيُعْطِيهِ لِكَوْنِهِ صَدِيقَهُ، فَإِنَّهُ مِنْ أَجْلِ لَجَاجَتِهِ يَقُومُ
وَيُعْطِيهِ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ.
وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ: اسْأَلُوا تُعْطَوْا،
اُطْلُبُوا تَجِدُوا، اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ.
لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ
يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ.
فَمَنْ مِنْكُمْ، وَهُوَ أَبٌ، يَسْأَلُهُ
ابْنُهُ خُبْزًا، أَفَيُعْطِيهِ حَجَرًا؟ أَوْ سَمَكَةً، أَفَيُعْطِيهِ حَيَّةً
بَدَلَ السَّمَكَةِ؟
أَوْ إِذَا سَأَلَهُ بَيْضَةً، أَفَيُعْطِيهِ
عَقْرَبًا؟
فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ
تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ
الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ، يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ
يَسْأَلُونَهُ؟»
وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ
عَلَى ذَاتِهَا تَخْرَبُ، وَبَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى بَيْتٍ يَسْقُطُ.
فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا يَنْقَسِمُ
عَلَى ذَاتِهِ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ لأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنِّي
بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ.
فَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ
الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ
قُضَاتَكُمْ!
وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ بِأَصْبعِ اللهِ أُخْرِجُ
الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.
حِينَمَا يَحْفَظُ الْقَوِيُّ دَارَهُ
مُتَسَلِّحًا، تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ.
وَلكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ
فَإِنَّهُ يَغْلِبُهُ، وَيَنْزِعُ سِلاَحَهُ الْكَامِلَ الَّذِي اتَّكَلَ
عَلَيْهِ، وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ.
مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ
يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ.
مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ
الإِنْسَانِ، يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ يَطْلُبُ رَاحَةً،
وَإِذْ لاَ يَجِدُ يَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ.
فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا.
ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ
أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ
الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ
أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ
يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ
ابْتَدَأَ يَقُولُ: «هذَا الْجِيلُ شِرِّيرٌ.
يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةُ يُونَانَ النَّبِيِّ.
لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ آيَةً لأَهْلِ
نِينَوَى، كَذلِكَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا لِهذَا الْجِيلِ.
مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ
مَعَ رِجَالِ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي
الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ
ههُنَا!
رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ
هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ،
وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا!
«لَيْسَ أَحَدٌ يُوقِدُ
سِرَاجًا وَيَضَعُهُ فِي خِفْيَةٍ، وَلاَ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى
الْمَنَارَةِ، لِكَيْ يَنْظُرَ الدَّاخِلُونَ النُّورَ.
سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى
كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ
شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا.
اُنْظُرْ إِذًا لِئَلاَّ يَكُونَ النُّورُ
الَّذِي فِيكَ ظُلْمَةً.
فَإِنْ كَانَ جَسَدُكَ كُلُّهُ نَيِّرًا لَيْسَ
فِيهِ جُزْءٌ مُظْلِمٌ، يَكُونُ نَيِّرًا كُلُّهُ، كَمَا حِينَمَا يُضِيءُ لَكَ
السِّرَاجُ بِلَمَعَانِهِ
فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «أَنْتُمُ الآنَ أَيُّهَا
الْفَرِّيسِيُّونَ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالْقَصْعَةِ، وَأَمَّا
بَاطِنُكُمْ فَمَمْلُوءٌ اخْتِطَافًا وَخُبْثًا.
يَا أَغْبِيَاءُ، أَلَيْسَ الَّذِي صَنَعَ
الْخَارِجَ صَنَعَ الدَّاخِلَ أَيْضًا؟
بَلْ أَعْطُوا مَا عِنْدَكُمْ صَدَقَةً،
فَهُوَذَا كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ نَقِيًّا لَكُمْ.
وَلكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا
الْفَرِّيسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالسَّذَابَ وَكُلَّ
بَقْل، وَتَتَجَاوَزُونَ عَنِ الْحَقِّ وَمَحَبَّةِ اللهِ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ
تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ!
لأَنَّكُمْ تُحِبُّونَ الْمَجْلِسَ الأَوَّلَ فِي الْمَجَامِعِ، وَالتَّحِيَّاتِ
فِي الأَسْوَاقِ.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ
وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ!
لأَنَّكُمْ مِثْلُ الْقُبُورِ الْمُخْتَفِيَةِ، وَالَّذِينَ
يَمْشُونَ عَلَيْهَا لاَ يَعْلَمُونَ
فَقَالَ: «وَوَيْلٌ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا
النَّامُوسِيُّون
لأَنَّكُمْ تُحَمِّلُونَ النَّاسَ أَحْمَالًا عَسِرَةَ
الْحَمْلِ وَأَنْتُمْ لاَ تَمَسُّونَ الأَحْمَالَ بِإِحْدَى أَصَابِعِكُمْ.
وَيْلٌ لَكُمْ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ
الأَنْبِيَاءِ، وَآبَاؤُكُمْ قَتَلُوهُمْ.
إِذًا تَشْهَدُونَ وَتَرْضَوْنَ بِأَعْمَالِ
آبَائِكُمْ، لأَنَّهُمْ هُمْ قَتَلُوهُمْ وَأَنْتُمْ تَبْنُونَ قُبُورَهُمْ.
لِذلِكَ أَيْضًا قَالَتْ حِكْمَةُ اللهِ: إِنِّي
أُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَ وَرُسُلًا، فَيَقْتُلُونَ مِنْهُمْ وَيَطْرُدُونَ
لِكَيْ يُطْلَبَ مِنْ هذَا الْجِيلِ دَمُ جَمِيعِ
الأَنْبِيَاءِ الْمُهْرَقُ مُنْذُ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ،
مِنْ دَمِ هَابِيلَ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا
الَّذِي أُهْلِكَ بَيْنَ الْمَذْبَحِ وَالْبَيْتِ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ:
إِنَّهُ يُطْلَبُ مِنْ هذَا الْجِيلِ!
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا النَّامُوسِيُّونَ!
لأَنَّكُمْ أَخَذْتُمْ مِفْتَاحَ الْمَعْرِفَةِ. مَا دَخَلْتُمْ أَنْتُمْ،
وَالدَّاخِلُونَ مَنَعْتُمُوهُمْ».
ابْتَدَأَ يَقُولُ لِتَلاَمِيذِهِ: «أَوَّلًا
تَحَرَّزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ
الرِّيَاءُ،
فَلَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ
خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ
لِذلِكَ كُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ فِي الظُّلْمَةِ
يُسْمَعُ فِي النُّورِ، وَمَا كَلَّمْتُمْ بِهِ الأُذْنَ فِي الْمَخَادِعِ
يُنَادَى بِهِ عَلَى السُّطُوحِ.
وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ
تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لَيْسَ لَهُمْ
مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ.
بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ
الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ،
أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ هذَا خَافُوا!
أَلَيْسَتْ خَمْسَةُ عَصَافِيرَ تُبَاعُ
بِفَلْسَيْنِ، وَوَاحِدٌ مِنْهَا لَيْسَ مَنْسِيًّا أَمَامَ اللهِ؟
بَلْ شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ أَيْضًا جَمِيعُهَا
مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ
وَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِي
قُدَّامَ النَّاسِ، يَعْتَرِفُ بِهِ ابْنُ الإِنْسَانِ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ.
وَمَنْ أَنْكَرَنِي قُدَّامَ النَّاسِ، يُنْكَرُ
قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ.
وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ
الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ
يُغْفَرُ لَهُ.
وَمَتَى قَدَّمُوكُمْ إِلَى الْمَجَامِعِ
وَالرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَحْتَجُّونَ
أَوْ بِمَا تَقُولُونَ،
لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يُعَلِّمُكُمْ فِي
تِلْكَ السَّاعَةِ مَا يَجِبُ أَنْ تَقُولُوهُ
فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا
قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟»
وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ
الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ
أَمْوَالِهِ
وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا قَائِلًا: «إِنْسَانٌ
غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ،
فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلًا: مَاذَا
أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟
وَقَالَ: أَعْمَلُ هذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي
وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَلاَتِي وَخَيْرَاتِي،
وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ
كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي
وَافْرَحِي!
فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ! هذِهِ
اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ
تَكُونُ؟
هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ
هُوَ غَنِيًّا للهِ
وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مِنْ أَجْلِ هذَا
أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ، وَلاَ
لِلْجَسَدِ بِمَا تَلْبَسُونَ.
اَلْحَيَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الطَّعَامِ،
وَالْجَسَدُ أَفْضَلُ مِنَ اللِّبَاسِ.
تَأَمَّلُوا الْغِرْبَانَ: أَنَّهَا لاَ تَزْرَعُ
وَلاَ تَحْصُدُ، وَلَيْسَ لَهَا مَخْدَعٌ وَلاَ مَخْزَنٌ، وَاللهُ يُقِيتُهَا.
كَمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلُ مِنَ الطُّيُورِ!
وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ
يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟
فَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَقْدِرُونَ وَلاَ عَلَى
الأَصْغَرِ، فَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِالْبَوَاقِي؟
تَأَمَّلُوا الزَّنَابِقَ كَيْفَ تَنْمُو: لاَ
تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ، وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي
كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا.
فَإِنْ كَانَ الْعُشْبُ الَّذِي يُوجَدُ
الْيَوْمَ فِي الْحَقْلِ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ يُلْبِسُهُ اللهُ
هكَذَا، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟
فَلاَ تَطْلُبُوا أَنْتُمْ مَا تَأْكُلُونَ وَمَا
تَشْرَبُونَ وَلاَ تَقْلَقُوا،
فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا أُمَمُ
الْعَالَمِ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَبُوكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى
هذِهِ.
بَلِ اطْلُبُوا مَلَكُوتَ اللهِ، وَهذِهِ
كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.
«لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا
الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ
الْمَلَكُوتَ.
بِيعُوا مَا لَكُمْ وَأَعْطُوا صَدَقَةً.
اِعْمَلُوا لَكُمْ أَكْيَاسًا لاَ تَفْنَى وَكَنْزًا لاَ يَنْفَدُ فِي
السَّمَاوَاتِ، حَيْثُ لاَ يَقْرَبُ سَارِقٌ وَلاَ يُبْلِي سُوسٌ،
لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُمْ هُنَاكَ
يَكُونُ قَلْبُكُمْ أَيْضًا.
«لِتَكُنْ
أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ مُوقَدَةً،
وَأَنْتُمْ مِثْلُ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ
سَيِّدَهُمْ مَتَى يَرْجعُ مِنَ الْعُرْسِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقَرَعَ
يَفْتَحُونَ لَهُ لِلْوَقْتِ.
طُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ إِذَا
جَاءَ سَيِّدُهُمْ يَجِدُهُمْ سَاهِرِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ
يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ.
وَإِنْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّانِي أَوْ
أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّالِثِ وَوَجَدَهُمْ هكَذَا، فَطُوبَى لأُولَئِكَ
الْعَبِيدِ.
وَإِنَّمَا اعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ
رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي السَّارِقُ لَسَهِرَ، وَلَمْ يَدَعْ
بَيْتَهُ يُنْقَبُ.
فَكُونُوا أَنْتُمْ إِذًا مُسْتَعِدِّينَ،
لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ
فَقَالَ الرَّبُّ: «فَمَنْ هُوَ الْوَكِيلُ
الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ
الْعُلُوفَةَ فِي حِينِهَا؟
طُوبَى لِذلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ
سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هكَذَا!
بِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ
عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ.
وَلكِنْ إِنْ قَالَ ذلِكَ الْعَبْدُ فِي
قَلْبِهِ: سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ، فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ الْغِلْمَانَ وَالْجَوَارِيَ،
وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْكَرُ.
يَأْتِي سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لاَ
يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لاَ يَعْرِفُهَا، فَيَقْطَعُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ
مَعَ الْخَائِنِينَ.
وَأَمَّا ذلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي يَعْلَمُ
إِرَادَةَ سَيِّدِهِ وَلاَ يَسْتَعِدُّ وَلاَ يَفْعَلُ بحَسَبِ إِرَادَتِهِ،
فَيُضْرَبُ كَثِيرًا.
وَلكِنَّ الَّذِي لاَ يَعْلَمُ، وَيَفْعَلُ مَا
يَسْتَحِقُّ ضَرَبَاتٍ، يُضْرَبُ قَلِيلًا. فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا
يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ، وَمَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيرًا يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ.
«جِئْتُ لأُلْقِيَ
نَارًا عَلَى الأَرْضِ، فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟
وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا، وَكَيْفَ
أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ؟
أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَمًا
عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ، أَقُولُ لَكُمْ: بَلِ انْقِسَامًا.
لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ
وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ، وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ.
يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الابْنِ، وَالابْنُ
عَلَى الأَبِ، وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ، وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ،
وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا، وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا
ثُمَّ قَالَ أَيْضًا لِلْجُمُوعِ: «إِذَا
رَأَيْتُمُ السَّحَابَ تَطْلُعُ مِنَ الْمَغَارِبِ فَلِلْوَقْتِ تَقُولُونَ:
إِنَّهُ يَأْتِي مَطَرٌ، فَيَكُونُ هكَذَا.
وَإِذَا رَأَيْتُمْ رِيحَ الْجَنُوبِ تَهُبُّ
تَقُولُونَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ حَرٌّ، فَيَكُونُ.
يَا مُرَاؤُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا
وَجْهَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَأَمَّا هذَا الزَّمَانُ فَكَيْفَ لاَ
تُمَيِّزُونَهُ؟
وَلِمَاذَا لاَ تَحْكُمُونَ بِالْحَقِّ مِنْ
قِبَلِ نُفُوسِكُمْ؟
حِينَمَا تَذْهَبُ مَعَ خَصْمِكَ إِلَى
الْحَاكِمِ، ابْذُلِ الْجَهْدَ وَأَنْتَ فِي الطَّرِيقِ لِتَتَخَلَّصَ مِنْهُ،
لِئَلاَّ يَجُرَّكَ إِلَى الْقَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الْحَاكِمِ،
فَيُلْقِيَكَ الْحَاكِمُ فِي السِّجْنِ.
أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى
تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ».
فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَتَظُنُّونَ
أَنَّ هؤُلاَءِ الْجَلِيلِيِّينَ كَانُوا خُطَاةً أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ
الْجَلِيلِيِّينَ لأَنَّهُمْ كَابَدُوا مِثْلَ هذَا؟
كَلاَّ! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ
تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ.
أَوْ أُولئِكَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الَّذِينَ
سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْبُرْجُ فِي سِلْوَامَ وَقَتَلَهُمْ، أَتَظُنُّونَ أَنَّ
هؤُلاَءِ كَانُوا مُذْنِبِينَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ السَّاكِنِينَ فِي
أُورُشَلِيمَ؟
كَلاَّ! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ
تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ
وَقَالَ هذَا الْمَثَلَ: «كَانَتْ لِوَاحِدٍ
شَجَرَةُ تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ، فَأَتَى يَطْلُبُ فِيهَا ثَمَرًا وَلَمْ
يَجِدْ.
فَقَالَ لِلْكَرَّامِ: هُوَذَا ثَلاَثُ سِنِينَ
آتِي أَطْلُبُ ثَمَرًا فِي هذِهِ التِّينَةِ وَلَمْ أَجِدْ. اِقْطَعْهَا! لِمَاذَا
تُبَطِّلُ الأَرْضَ أَيْضًا؟
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: يَا سَيِّدُ، اتْرُكْهَا
هذِهِ السَّنَةَ أَيْضًا، حَتَّى أَنْقُبَ حَوْلَهَا وَأَضَعَ زِبْلًا.
فَإِنْ صَنَعَتْ ثَمَرًا، وَإِلاَّ فَفِيمَا
بَعْدُ تَقْطَعُهَا».
وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، إِنَّكِ
مَحْلُولَةٌ مِنْ ضَعْفِكِ
فَأَجَابَهُ الرَّبُّ وَقَالَ: «يَا مُرَائِي!
أَلاَ يَحُلُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ثَوْرَهُ أَوْ حِمَارَهُ مِنَ
الْمِذْوَدِ وَيَمْضِي بِهِ وَيَسْقِيهِ؟
وَهذِهِ، وَهِيَ ابْنَةُ إِبْراهِيمَ، قَدْ
رَبَطَهَا الشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ
تُحَلَّ مِنْ هذَا الرِّبَاطِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ؟
فَقَالَ: «مَاذَا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ اللهِ؟
وَبِمَاذَا أُشَبِّهُهُ؟
يُشْبِهُ حَبَّةَ خَرْدَل أَخَذَهَا إِنْسَانٌ
وَأَلْقَاهَا فِي بُسْتَانِهِ، فَنَمَتْ وَصَارَتْ شَجَرَةً كَبِيرَةً، وَتَآوَتْ
طُيُورُ السَّمَاءِ فِي أَغْصَانِهَا
وَقَالَ أَيْضًا: «بِمَاذَا أُشَبِّهُ مَلَكُوتَ
اللهِ؟
يُشْبِهُ خَمِيرَةً أَخَذَتْهَا امْرَأَةٌ
وَخَبَّأَتْهَا فِي ثَلاَثَةِ أَكْيَالِ دَقِيق حَتَّى اخْتَمَرَ الْجَمِيعُ
فَقَالَ لَهُمُ
«اجْتَهِدُوا أَنْ
تَدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ، فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ
سَيَطْلُبُونَ أَنْ يَدْخُلُوا وَلاَ يَقْدِرُونَ
مِنْ بَعْدِ مَا يَكُونُ رَبُّ الْبَيْتِ قَدْ
قَامَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ، وَابْتَدَأْتُمْ تَقِفُونَ خَارِجًا وَتَقْرَعُونَ
الْبَابَ قَائِلِينَ:
يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! افْتَحْ لَنَا. يُجِيبُ، وَيَقُولُ
لَكُمْ: لاَ أَعْرِفُكُمْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ!
حِينَئِذٍ تَبْتَدِئُونَ تَقُولُونَ: أَكَلْنَا
قُدَّامَكَ وَشَرِبْنَا، وَعَلَّمْتَ فِي شَوَارِعِنَا
فَيَقُولُ: أَقُولُ لَكُمْ: لاَ أَعْرِفُكُمْ
مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ، تَبَاعَدُوا عَنِّي يَا جَمِيعَ فَاعِلِي الظُّلْمِ!
هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ
الأَسْنَانِ، مَتَى رَأَيْتُمْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَمِيعَ
الأَنْبِيَاءِ فِي مَلَكُوتِ اللهِ، وَأَنْتُمْ مَطْرُوحُونَ خَارِجًا.
وَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَمِنَ
الْمَغَارِبِ وَمِنَ الشِّمَالِ وَالْجَنُوبِ، وَيَتَّكِئُونَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ.
وَهُوَذَا آخِرُونَ يَكُونُونَ أَوَّلِينَ،
وَأَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ
فَقَالَ لَهُمُ: «امْضُوا وَقُولُوا لِهذَا
الثَّعْلَبِ: هَا أَنَا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ، وَأَشْفِي الْيَوْمَ وَغَدًا، وَفِي
الْيَوْمِ الثَّالِثِ أُكَمَّلُ.
بَلْ يَنْبَغِي أَنْ أَسِيرَ الْيَوْمَ وَغَدًا
وَمَا يَلِيهِ، لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَهْلِكَ نَبِيٌّ خَارِجًا عَنْ
أُورُشَلِيمَ!
يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ
الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ
أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ
جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا!
هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا!
وَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:
إِنَّكُمْ
لاَ تَرَوْنَنِي حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتٌ تَقُولُونَ فِيهِ:
مُبَارَكٌ
الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!»
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَكَلَّمَ النَّامُوسِيِّينَ
وَالْفَرِّيسِيِّينَ قِائِلًا: «هَلْ يَحِلُّ الإِبْرَاءُ فِي السَّبْتِ؟»
ثُمَّ أجَابَهم وَقَالَ: «مَنْ مِنْكُمْ يَسْقُطُ
حِمَارُهُ أَوْ ثَوْرُهُ فِي بِئْرٍ وَلاَ يَنْشُلُهُ حَالًا فِي يَوْمِ
السَّبْتِ؟»
وَقَالَ لِلْمَدْعُوِّينَ مَثَلًا، وَهُوَ
يُلاَحِظُ كَيْفَ اخْتَارُوا الْمُتَّكَآتِ الأُولَى قِائِلًا لَهُمْ:
«مَتَى دُعِيتَ مِنْ
أَحَدٍ إِلَى عُرْسٍ فَلاَ تَتَّكِئْ فِي الْمُتَّكَإِ الأَوَّلِ، لَعَلَّ
أَكْرَمَ مِنْكَ يَكُونُ قَدْ دُعِيَ مِنْهُ.
فَيَأْتِيَ الَّذِي دَعَاكَ وَإِيَّاهُ وَيَقُولَ
لَكَ: أَعْطِ مَكَانًا لِهذَا. فَحِينَئِذٍ تَبْتَدِئُ بِخَجَل تَأْخُذُ
الْمَوْضِعَ الأَخِيرَ.
بَلْ مَتَى دُعِيتَ فَاذْهَبْ وَاتَّكِئْ فِي
الْمَوْضِعِ الأَخِيرِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ الَّذِي دَعَاكَ يَقُولُ لَكَ: يَا
صَدِيقُ، ارْتَفِعْ إِلَى فَوْقُ. حِينَئِذٍ يَكُونُ لَكَ مَجْدٌ أَمَامَ
الْمُتَّكِئِينَ مَعَكَ.
لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ
وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ
وَقَالَ أَيْضًا لِلَّذِي دَعَاهُ: «إِذَا
صَنَعْتَ غَدَاءً أَوْ عَشَاءً فَلاَ تَدْعُ أَصْدِقَاءَكَ وَلاَ إِخْوَتَكَ وَلاَ
أَقْرِبَاءَكَ وَلاَ الْجِيرَانَ الأَغْنِيَاءَ، لِئَلاَّ يَدْعُوكَ هُمْ أَيْضًا،
فَتَكُونَ لَكَ مُكَافَاةٌ.
بَلْ إِذَا صَنَعْتَ ضِيَافَةً فَادْعُ:
الْمَسَاكِينَ، الْجُدْعَ، الْعُرْجَ، الْعُمْيَ،
فَيَكُونَ لَكَ الطُّوبَى إِذْ لَيْسَ لَهُمْ
حَتَّى يُكَافُوكَ، لأَنَّكَ تُكَافَى فِي قِيَامَةِ الأَبْرَارِ
فَقَالَ لَهُ: «إِنْسَانٌ صَنَعَ عَشَاءً
عَظِيمًا وَدَعَا كَثِيرِينَ،
وَأَرْسَلَ عَبْدَهُ فِي سَاعَةِ الْعَشَاءِ
لِيَقُولَ لِلْمَدْعُوِّينَ: تَعَالَوْا لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُعِدَّ.
فَابْتَدَأَ الْجَمِيعُ بِرَأْيٍ وَاحِدٍ
يَسْتَعْفُونَ. قَالَ لَهُ الأَوَّلُ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ حَقْلًا، وَأَنَا
مُضْطَرٌّ أَنْ أَخْرُجَ وَأَنْظُرَهُ. أَسْأَلُكَ أَنْ تُعْفِيَنِي.
وَقَالَ آخَرُ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ خَمْسَةَ
أَزْوَاجِ بَقَرٍ، وَأَنَا مَاضٍ لأَمْتَحِنَهَا. أَسْأَلُكَ أَنْ تُعْفِيَنِي.
وَقَالَ آخَرُ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ بِامْرَأَةٍ،
فَلِذلِكَ لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَجِيءَ.
فَأَتَى ذلِكَ الْعَبْدُ وَأَخْبَرَ سَيِّدَهُ
بِذلِكَ. حِينَئِذٍ غَضِبَ رَبُّ الْبَيْتِ، وَقَالَ لِعَبْدِهِ: اخْرُجْ عَاجِلًا
إِلَى شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ وَأَزِقَّتِهَا، وَأَدْخِلْ إِلَى هُنَا
الْمَسَاكِينَ وَالْجُدْعَ وَالْعُرْجَ وَالْعُمْيَ.
فَقَالَ الْعَبْدُ: يَا سَيِّدُ، قَدْ صَارَ
كَمَا أَمَرْتَ، وَيُوجَدُ أَيْضًا مَكَانٌ.
فَقَالَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ: اخْرُجْ إِلَى
الطُّرُقِ وَالسِّيَاجَاتِ وَأَلْزِمْهُمْ بِالدُّخُولِ حَتَّى يَمْتَلِئَ
بَيْتِي،
لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ وَاحِدٌ
مِنْ أُولئِكَ الرِّجَالِ الْمَدْعُوِّينَ يَذُوقُ عَشَائِي
فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ
«إِنْ كَانَ أَحَدٌ
يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ
وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ
يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.
وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي
وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.
وَمَنْ مِنْكُمْ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ
بُرْجًا لاَ يَجْلِسُ أَوَّلًا وَيَحْسِبُ النَّفَقَةَ، هَلْ عِنْدَهُ مَا
يَلْزَمُ لِكَمَالِهِ؟
لِئَلاَّ يَضَعَ الأَسَاسَ وَلاَ يَقْدِرَ أَنْ
يُكَمِّلَ، فَيَبْتَدِئَ جَمِيعُ النَّاظِرِينَ يَهْزَأُونَ بِهِ،
قَائِلِينَ: هذَا الإِنْسَانُ ابْتَدَأَ يَبْنِي
وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُكَمِّلَ.
وَأَيُّ مَلِكٍ إِنْ ذَهَبَ لِمُقَاتَلَةِ مَلِكٍ
آخَرَ فِي حَرْبٍ، لاَ يَجْلِسُ أَوَّلًا وَيَتَشَاوَرُ: هَلْ يَسْتَطِيعُ أَنْ
يُلاَقِيَ بِعَشَرَةِ آلاَفٍ الَّذِي يَأْتِي عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفًا؟
وَإِلاَّ فَمَا دَامَ ذلِكَ بَعِيدًا، يُرْسِلُ
سِفَارَةً وَيَسْأَلُ مَا هُوَ لِلصُّلْحِ.
فَكَذلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لاَ يَتْرُكُ
جَمِيعَ أَمْوَالِهِ، لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.
«اَلْمِلْحُ جَيِّدٌ.
وَلكِنْ إِذَا فَسَدَ الْمِلْحُ، فَبِمَاذَا يُصْلَحُ؟
لاَ يَصْلُحُ لأَرْضٍ وَلاَ لِمَزْبَلَةٍ،
فَيَطْرَحُونَهُ خَارِجًا. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ».
فَكَلَّمَهُمْ بِهذَا الْمَثَلِ قِائِلًا:
«أَيُّ إِنْسَانٍ
مِنْكُمْ لَهُ مِئَةُ خَرُوفٍ، وَأَضَاعَ وَاحِدًا مِنْهَا، أَلاَ يَتْرُكُ
التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَيَذْهَبَ لأَجْلِ الضَّالِّ
حَتَّى يَجِدَهُ؟
وَإِذَا وَجَدَهُ يَضَعُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ
فَرِحًا،
وَيَأْتِي إِلَى بَيْتِهِ وَيَدْعُو
الأَصْدِقَاءَ وَالْجِيرَانَ قَائِلًا لَهُمُ: افْرَحُوا مَعِي، لأَنِّي وَجَدْتُ
خَرُوفِي الضَّالَّ!
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ
فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ
بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ.
«أَوْ أَيَّةُ
امْرَأَةٍ لَهَا عَشْرَةُ دَرَاهِمَ، إِنْ أَضَاعَتْ دِرْهَمًا وَاحِدًا، أَلاَ
تُوقِدُ سِرَاجًا وَتَكْنُسُ الْبَيْتَ وَتُفَتِّشُ بِاجْتِهَادٍ حَتَّى تَجِدَهُ؟
وَإِذَا وَجَدَتْهُ تَدْعُو الصَّدِيقَاتِ
وَالْجَارَاتِ قَائِلَةً:
افْرَحْنَ مَعِي لأَنِّي وَجَدْتُ الدِّرْهَمَ الَّذِي
أَضَعْتُهُ.
هكَذَا، أَقُولُ لَكُمْ: يَكُونُ فَرَحٌ قُدَّامَ
مَلاَئِكَةِ اللهِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ.
وَقَالَ: «إِنْسَانٌ كَانَ لَهُ ابْنَانِ.
فَقَالَ أَصْغَرُهُمَا لأَبِيهِ: يَا أَبِي
أَعْطِنِي الْقِسْمَ الَّذِي يُصِيبُنِي مِنَ الْمَالِ. فَقَسَمَ لَهُمَا
مَعِيشَتَهُ.
وَبَعْدَ أَيَّامٍ لَيْسَتْ بِكَثِيرَةٍ جَمَعَ
الابْنُ الأَصْغَرُ كُلَّ شَيْءٍ وَسَافَرَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ، وَهُنَاكَ
بَذَّرَ مَالَهُ بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ.
فَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ، حَدَثَ جُوعٌ
شَدِيدٌ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ، فَابْتَدَأَ يَحْتَاجُ.
فَمَضَى وَالْتَصَقَ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ
تِلْكَ الْكُورَةِ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى حُقُولِهِ لِيَرْعَى خَنَازِيرَ.
وَكَانَ يَشْتَهِي أَنْ يَمْلأَ بَطْنَهُ مِنَ
الْخُرْنُوبِ الَّذِي كَانَتِ الْخَنَازِيرُ تَأْكُلُهُ، فَلَمْ يُعْطِهِ أَحَدٌ.
فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ
أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا!
أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ:
يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ،
وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ
ابْنًا. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ.
فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ
لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى
عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ.
فَقَالَ لَهُ الابْنُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ
إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ
ابْنًا.
فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا
الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ، وَاجْعَلُوا خَاتَمًا فِي يَدِهِ، وَحِذَاءً
فِي رِجْلَيْهِ،
وَقَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ وَاذْبَحُوهُ
فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ،
لأَنَّ ابْنِي هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ،
وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ.
وَكَانَ ابْنُهُ الأَكْبَرُ فِي الْحَقْلِ.
فَلَمَّا جَاءَ وَقَرُبَ مِنَ الْبَيْتِ، سَمِعَ صَوْتَ آلاَتِ طَرَبٍ وَرَقْصًا.
فَدَعَا وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَسَأَلَهُ:
مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا؟
فَقَالَ لَهُ: أَخُوكَ جَاءَ فَذَبَحَ أَبُوكَ
الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ، لأَنَّهُ قَبِلَهُ سَالِمًا.
فَغَضِبَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَدْخُلَ. فَخَرَجَ
أَبُوهُ يَطْلُبُ إِلَيْهِ.
فَأَجَابَ وَقَالَ لأَبِيهِ: هَا أَنَا
أَخْدِمُكَ سِنِينَ هذَا عَدَدُهَا، وَقَطُّ لَمْ أَتَجَاوَزْ وَصِيَّتَكَ،
وَجَدْيًا لَمْ تُعْطِنِي قَطُّ لأَفْرَحَ مَعَ أَصْدِقَائِي
وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ ابْنُكَ هذَا الَّذِي
أَكَلَ مَعِيشَتَكَ مَعَ الزَّوَانِي، ذَبَحْتَ لَهُ الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ!
فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي
كُلِّ حِينٍ، وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ.
وَلكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ
وَنُسَرَّ، لأَنَّ أَخَاكَ هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالُا فَوُجِدَ».
وَقَالَ أَيْضًا لِتَلاَمِيذِهِ: «كَانَ
إِنْسَانٌ غَنِيٌّ لَهُ وَكِيلٌ، فَوُشِيَ بِهِ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَذِّرُ
أَمْوَالَهُ.
فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: مَا هذَا الَّذِي
أَسْمَعُ عَنْكَ؟ أَعْطِ حِسَابَ وَكَالَتِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ
وَكِيلًا بَعْدُ.
فَقَالَ الْوَكِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا
أَفْعَلُ؟ لأَنَّ سَيِّدِي يَأْخُذُ مِنِّي الْوَكَالَةَ. لَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ
أَنْقُبَ، وَأَسْتَحِي أَنْ أَسْتَعْطِيَ.
قَدْ عَلِمْتُ مَاذَا أَفْعَلُ، حَتَّى إِذَا
عُزِلْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ يَقْبَلُونِي فِي بُيُوتِهِمْ.
فَدَعَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مَدْيُونِي
سَيِّدِهِ، وَقَالَ لِلأَوَّلِ: كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدِي؟
فَقَالَ: مِئَةُ بَثِّ زَيْتٍ. فَقَالَ لَهُ:
خُذْ صَكَّكَ وَاجْلِسْ عَاجِلًا وَاكْتُبْ خَمْسِينَ.
ثُمَّ قَالَ لآخَرَ: وَأَنْتَ كَمْ عَلَيْكَ؟
فَقَالَ: مِئَةُ كُرِّ قَمْحٍ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاكْتُبْ ثَمَانِينَ.
فَمَدَحَ السَّيِّدُ وَكِيلَ الظُّلْمِ إِذْ
بِحِكْمَةٍ فَعَلَ، لأَنَّ أَبْنَاءَ هذَا الدَّهْرِ أَحْكَمُ مِنْ أَبْنَاءِ
النُّورِ فِي جِيلِهِمْ.
وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ: اصْنَعُوا لَكُمْ
أَصْدِقَاءَ بِمَالِ الظُّلْمِ، حَتَّى إِذَا فَنِيتُمْ يَقْبَلُونَكُمْ فِي
الْمَظَالِّ الأَبَدِيَّةِ.
اَلأَمِينُ فِي الْقَلِيلِ أَمِينٌ أَيْضًا فِي
الْكَثِيرِ، وَالظَّالِمُ فِي الْقَلِيلِ ظَالِمٌ أَيْضًا فِي الْكَثِيرِ.
فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَالِ
الظُّلْمِ، فَمَنْ يَأْتَمِنُكُمْ عَلَى الْحَقِّ
وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَا هُوَ
لِلْغَيْرِ، فَمَنْ يُعْطِيكُمْ مَا هُوَ لَكُمْ؟
لاَ يَقْدِرُ خَادِمٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ،
لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ
الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ
وَالْمَالَ».
فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ
تُبَرِّرُونَ أَنْفُسَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ! وَلكِنَّ اللهَ يَعْرِفُ
قُلُوبَكُمْ. إِنَّ الْمُسْتَعْلِيَ عِنْدَ النَّاسِ هُوَ رِجْسٌ قُدَّامَ اللهِ.
«كَانَ النَّامُوسُ
وَالأَنْبِيَاءُ إِلَى يُوحَنَّا. وَمِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ يُبَشَّرُ بِمَلَكُوتِ
اللهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَغْتَصِبُ نَفْسَهُ إِلَيْهِ.
وَلكِنَّ زَوَالَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَيْسَرُ
مِنْ أَنْ تَسْقُطَ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ.
كُلُّ مَنْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَيَتَزَوَّجُ
بِأُخْرَى يَزْنِي، وَكُلُّ مَنْ يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ مِنْ رَجُل يَزْنِي.
«كَانَ إِنْسَانٌ
غَنِيٌّ وَكَانَ يَلْبَسُ الأَرْجُوانَ وَالْبَزَّ وَهُوَ يَتَنَعَّمُ كُلَّ
يَوْمٍ مُتَرَفِّهًا.
وَكَانَ مِسْكِينٌ اسْمُهُ لِعَازَرُ، الَّذِي
طُرِحَ عِنْدَ بَابِهِ مَضْرُوبًا بِالْقُرُوحِ،
وَيَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الْفُتَاتِ
السَّاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الْغَنِيِّ، بَلْ كَانَتِ الْكِلاَبُ تَأْتِي
وَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ.
فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ
الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضًا وَدُفِنَ،
فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الجَحِيمِ وَهُوَ فِي
الْعَذَابِ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ،
فَنَادَى وَقَالَ: يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ،
ارْحَمْنِي، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبِعِهِ بِمَاءٍ
وَيُبَرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هذَا اللَّهِيبِ.
فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابْنِي، اذْكُرْ
أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ
الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ.
وَفَوْقَ هذَا كُلِّهِ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ
هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أُثْبِتَتْ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ
مِنْ ههُنَا إِلَيْكُمْ لاَ يَقْدِرُونَ، وَلاَ الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ
يَجْتَازُونَ إِلَيْنَا.
فَقَالَ: أَسْأَلُكَ إِذًا، يَا أَبَتِ، أَنْ
تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي،
لأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ
لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هذَا.
قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءُ، لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ.
فَقَالَ: لاَ، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ
إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ.
فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ
وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «لاَ يُمْكِنُ إِلاَّ
أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِلَّذِي تَأْتِي بِوَاسِطَتِهِ
خَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ
رَحىً وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ، مِنْ أَنْ يُعْثِرَ أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ.
اِحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ. وَإِنْ أَخْطَأَ
إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ، وَإِنْ تَابَ فَاغْفِرْ لَهُ.
وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي
الْيَوْمِ، وَرَجَعَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ قَائِلًا: أَنَا
تَائِبٌ، فَاغْفِرْ لَهُ
فَقَالَ الرَّبُّ: «لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ
مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل، لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذِهِ الْجُمَّيْزَةِ:
انْقَلِعِي وَانْغَرِسِي فِي الْبَحْرِ فَتُطِيعُكُمْ.
«وَمَنْ مِنْكُمْ لَهُ
عَبْدٌ يَحْرُثُ أَوْ يَرْعَى، يَقُولُ لَهُ إِذَا دَخَلَ مِنَ الْحَقْلِ:
تَقَدَّمْ سَرِيعًا وَاتَّكِئْ.
بَلْ أَلاَ يَقُولُ لَهُ: أَعْدِدْ مَا
أَتَعَشَّى بِهِ، وَتَمَنْطَقْ وَاخْدِمْنِي حَتَّى آكُلَ وَأَشْرَبَ، وَبَعْدَ
ذلِكَ تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ أَنْتَ؟
فَهَلْ لِذلِكَ الْعَبْدِ فَضْلٌ لأَنَّهُ فَعَلَ
مَا أُمِرَ بِهِ؟ لاَ أَظُنُّ.
كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى فَعَلْتُمْ
كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ، لأَنَّنَا
إِنَّمَا عَمِلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا
فَنَظَرَ وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا وَأَرُوا
أَنْفُسَكُمْ لِلْكَهَنَةِ.
فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَلَيْسَ الْعَشَرَةُ
قَدْ طَهَرُوا؟ فَأَيْنَ التِّسْعَةُ؟
أَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْجِعُ لِيُعْطِيَ مَجْدًا
للهِ غَيْرُ هذَا الْغَرِيبِ الْجِنْسِ؟»
ثُمَّ قَالَ لَهُ: «قُمْ وَامْضِ، إِيمَانُكَ
خَلَّصَكَ».
أَجَابَهُمْ وَقَالَ: «لاَ يَأْتِي مَلَكُوتُ
اللهِ بِمُرَاقَبَةٍ،
وَلاَ يَقُولُونَ: هُوَذَا ههُنَا، أَوْ: هُوَذَا
هُنَاكَ! لأَنْ هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ
وَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «سَتَأْتِي أَيَّامٌ
فِيهَا تَشْتَهُونَ أَنْ تَرَوْا يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِ ابْنِ
الإِنْسَانِ وَلاَ تَرَوْنَ.
وَيَقُولُونَ لَكُمْ: هُوَذَا ههُنَا! أَوْ:
هُوَذَا هُنَاكَ! لاَ تَذْهَبُوا وَلاَ تَتْبَعُوا،
لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ الَّذِي يَبْرُقُ
مِنْ نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ يُضِيءُ إِلَى نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ،
كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا ابْنُ الإِنْسَانِ فِي يَوْمِهِ.
وَلكِنْ يَنْبَغِي أَوَّلًا أَنْ يَتَأَلَّمَ
كَثِيرًا وَيُرْفَضَ مِنْ هذَا الْجِيلِ.
وَكَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ نُوحٍ كَذلِكَ
يَكُونُ أَيْضًا فِي أَيَّامِ ابْنِ الإِنْسَانِ:
كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيُزَوِّجُونَ
وَيَتَزَوَّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ نُوحٌ الْفُلْكَ، وَجَاءَ
الطُّوفَانُ وَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ.
كَذلِكَ أَيْضًا كَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ لُوطٍ:
كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ، وَيَغْرِسُونَ
وَيَبْنُونَ.
وَلكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي فِيهِ خَرَجَ لُوطٌ
مِنْ سَدُومَ، أَمْطَرَ نَارًا وَكِبْرِيتًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَ
الْجَمِيعَ.
هكَذَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ
يُظْهَرُ ابْنُ الإِنْسَانِ.
فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مَنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ
وَأَمْتِعَتُهُ فِي الْبَيْتِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا، وَالَّذِي فِي
الْحَقْلِ كَذلِكَ لاَ يَرْجعْ إِلَى الْوَرَاءِ.
اُذْكُرُوا امْرَأَةَ لُوطٍ!
مَنْ طَلَبَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ
يُهْلِكُهَا، وَمَنْ أَهْلَكَهَا يُحْيِيهَا.
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ
يَكُونُ اثْنَانِ عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ، فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ
الآخَرُ.
تَكُونُ اثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعًا،
فَتُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى.
يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، فَيُؤْخَذُ
الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ
فَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُ تَكُونُ الْجُثَّةُ
هُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ
وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا مَثَلًا فِي أَنَّهُ
يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ،
قِائِلًا: «كَانَ فِي مَدِينَةٍ قَاضٍ لاَ
يَخَافُ اللهَ وَلاَ يَهَابُ إِنْسَانًا.
وَكَانَ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ.
وَكَانَتْ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَةً: أَنْصِفْنِي مِنْ خَصْمِي!
وَكَانَ لاَ يَشَاءُ إِلَى زَمَانٍ. وَلكِنْ
بَعْدَ ذلِكَ قَالَ فِي نَفْسِهِ: وَإِنْ كُنْتُ لاَ أَخَافُ اللهَ وَلاَ أَهَابُ
إِنْسَانًا،
فَإِنِّي لأَجْلِ أَنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ
تُزْعِجُنِي، أُنْصِفُهَا، لِئَلاَّ تَأْتِيَ دَائِمًا فَتَقْمَعَنِي!»
وَقَالَ الرَّبُّ: «اسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي
الظُّلْمِ.
أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ،
الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَارًا وَلَيْلًا، وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ؟
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعًا!
وَلكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى
الأَرْضِ؟
وَقَالَ لِقَوْمٍ وَاثِقِينَ بِأَنْفُسِهِمْ
أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ، وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرِينَ هذَا الْمَثَلَ:
«إِنْسَانَانِ صَعِدَا
إِلَى الْهَيْكَلِ لِيُصَلِّيَا، وَاحِدٌ فَرِّيسِيٌّ وَالآخَرُ عَشَّارٌ.
أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي
نَفْسِهِ هكَذَا: اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي
النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ.
أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي الأُسْبُوعِ،
وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ.
وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لاَ
يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ
قَائِلًا: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ.
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى
بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دُونَ ذَاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ،
وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ
أَمَّا يَسُوعُ فَدَعَاهُمْ وَقَالَ: «دَعُوا
الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ
مَلَكُوتَ اللهِ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ
مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي
صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ.
أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ
تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ».
فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ ذلِكَ قَالَ لَهُ:
«يُعْوِزُكَ أَيْضًا شَيْءٌ:
بعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ
لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي».
فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ قَدْ حَزِنَ، قَالَ: «مَا
أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!
لأَنَّ دُخُولَ جَمَل مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ
أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!»
فَقَالَ: «غَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ
مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ».
فَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ
لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ وَالِدَيْنِ أَوْ إِخْوَةً أَوِ امْرَأَةً أَوْ
أَوْلاَدًا مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ اللهِ،
إِلاَّ وَيَأْخُذُ فِي هذَا الزَّمَانِ
أَضْعَافًا كَثِيرَةً، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ».
وَأَخَذَ الاثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ لَهُمْ: «هَا
نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَسَيَتِمُّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ
بِالأَنْبِيَاءِ عَنِ ابْنِ الإِنْسَانِ،
لأَنَّهُ يُسَلَّمُ إِلَى الأُمَمِ،
وَيُسْتَهْزَأُ بِهِ، وَيُشْتَمُ وَيُتْفَلُ عَلَيْهِ،
وَيَجْلِدُونَهُ، وَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي
الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».
قِائِلًا: «مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟»
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَبْصِرْ. إِيمَانُكَ
قَدْ شَفَاكَ
فَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْمَكَانِ، نَظَرَ
إِلَى فَوْقُ فَرَآهُ، وَقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّهُ
يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ
لِهذَا الْبَيْتِ، إِذْ هُوَ أَيْضًا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ،
لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ
يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ
فَقَالَ مَثَلًا، لأَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ
أُورُشَلِيمَ، وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ عَتِيدٌ أَنْ يَظْهَرَ
فِي الْحَالِ.
فَقَالَ: «إِنْسَانٌ شَرِيفُ الْجِنْسِ ذَهَبَ
إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ لِيَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مُلْكًا وَيَرْجعَ.
فَدَعَا عَشَرَةَ عَبِيدٍ لَهُ وَأَعْطَاهُمْ
عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ، وَقَالَ لَهُمْ: تَاجِرُوا حَتَّى آتِيَ.
وَأَمَّا أَهْلُ مَدِينَتِهِ فَكَانُوا
يُبْغِضُونَهُ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ سَفَارَةً قَائِلِينَ: لاَ نُرِيدُ أَنَّ
هذَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا
وَلَمَّا رَجَعَ بَعْدَمَا أَخَذَ الْمُلْكَ،
أَمَرَ أَنْ يُدْعَى إِلَيْهِ أُولئِكَ الْعَبِيدُ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ
الْفِضَّةَ، لِيَعْرِفَ بِمَا تَاجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ.
فَجَاءَ الأَوَّلُ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ،
مَنَاكَ رَبحَ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ.
فَقَالَ لَهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ
الصَّالِحُ! لأَنَّكَ كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ، فَلْيَكُنْ لَكَ سُلْطَانٌ
عَلَى عَشْرِ مُدْنٍ.
ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي قَائِلًا: يَا سَيِّدُ،
مَنَاكَ عَمِلَ خَمْسَةَ أَمْنَاءٍ.
فَقَالَ لِهذَا أَيْضًا: وَكُنْ أَنْتَ عَلَى
خَمْسِ مُدْنٍ.
ثُمَّ جَاءَ آخَرُ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ،
هُوَذَا مَنَاكَ الَّذِي كَانَ عِنْدِي مَوْضُوعًا فِي مِنْدِيل،
لأَنِّي كُنْتُ أَخَافُ مِنْكَ، إِذْ أَنْتَ
إِنْسَانٌ صَارِمٌ، تَأْخُذُ مَا لَمْ تَضَعْ وَتَحْصُدُ مَا لَمْ تَزْرَعْ.
فَقَالَ لَهُ: مِنْ فَمِكَ أَدِينُكَ أَيُّهَا
الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ. عَرَفْتَ أَنِّي إِنْسَانٌ صَارِمٌ، آخُذُ مَا لَمْ أَضَعْ،
وَأَحْصُدُ مَا لَمْ أَزْرَعْ،
فَلِمَاذَا لَمْ تَضَعْ فِضَّتِي عَلَى مَائِدَةِ
الصَّيَارِفَةِ، فَكُنْتُ مَتَى جِئْتُ أَسْتَوْفِيهَا مَعَ رِبًا؟
ثُمَّ قَالَ لِلْحَاضِرِينَ: خُذُوا مِنْهُ
الْمَنَا وَأَعْطُوهُ لِلَّذِي عِنْدَهُ الْعَشَرَةُ الأَمْنَاءُ.
فَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، عِنْدَهُ عَشَرَةُ
أَمْنَاءٍ!
لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ
يُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ.
أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ
يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ
قُدَّامِي
قَائِلًا: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي
أَمَامَكُمَا، وَحِينَ تَدْخُلاَنِهَا تَجِدَانِ جَحْشًا مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ
عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ. فَحُّلاَهُ وَأْتِيَا بِهِ.
وَإِنْ سَأَلَكُمَا أَحَدٌ: لِمَاذَا
تَحُّلاَنِهِ؟ فَقُولاَ لَهُ هكَذَا: إِنَّ الرَّبَّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَقُولُ لَكُمْ:
إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ
قَائِلًا: «إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ
أَيْضًا، حَتَّى فِي يَوْمِكِ هذَا، مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ! وَلكِنِ الآنَ قَدْ
أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ.
فَإِنَّهُ سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ
أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ، وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ
جِهَةٍ،
وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ، وَلاَ
يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ
افْتِقَادِكِ».
قَائِلًا لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: إِنَّ بَيْتِي
بَيْتُ الصَّلاَةِ. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنَا أَيْضًا
أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، فَقُولُوا لِي:
مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنَ السَّمَاءِ
كَانَتْ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟»
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «وَلاَ أَنَا أَقُولُ
لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا
وَابْتَدَأَ يَقُولُ لِلشَّعْبِ هذَا الْمَثَلَ:
«إِنْسَانٌ غَرَسَ كَرْمًا وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ زَمَانًا
طَوِيلًا.
وَفِي الْوَقْتِ أَرْسَلَ إِلَى الْكَرَّامِينَ
عَبْدًا لِكَيْ يُعْطُوهُ مِنْ ثَمَرِ الْكَرْمِ، فَجَلَدَهُ الْكَرَّامُونَ،
وَأَرْسَلُوهُ فَارِغًا.
فَعَادَ وَأَرْسَلَ عَبْدًا آخَرَ، فَجَلَدُوا
ذلِكَ أَيْضًا وَأَهَانُوهُ، وَأَرْسَلُوهُ فَارِغًا.
ثُمَّ عَادَ فَأَرْسَلَ ثَالِثًا، فَجَرَّحُوا
هذَا أَيْضًا وَأَخْرَجُوهُ.
فَقَالَ صَاحِبُ الْكَرْمِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟
أُرْسِلُ ابْنِي الْحَبِيبَ، لَعَلَّهُمْ إِذَا رَأَوْهُ يَهَابُونَ!
فَلَمَّا رَآهُ الْكَرَّامُونَ تَآمَرُوا فِيمَا
بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ: هذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ لِكَيْ يَصِيرَ
لَنَا الْمِيرَاثُ!
فَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ.
فَمَاذَا يَفْعَلُ بِهِمْ صَاحِبُ الْكَرْمِ؟
يَأْتِي وَيُهْلِكُ هؤُلاَءِ الْكَرَّامِينَ
وَيُعْطِي الْكَرْمَ لآخَرِينَ».
فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «إِذًا مَا هُوَ
هذَا الْمَكْتُوبُ:
الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ
رَأْسَ الزَّاوِيَةِ؟
كُلُّ مَنْ يَسْقُطُ عَلَى ذلِكَ الْحَجَرِ
يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ
أَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نُعْطِيَ جِزْيَةً
لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟»
فَشَعَرَ بِمَكْرِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا
تُجَرِّبُونَنِي؟
أَرُونِي دِينَارًا. لِمَنِ الصُّورَةُ
وَالْكِتَابَةُ؟» »
فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ
لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ».
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَبْنَاءُ
هذَا الدَّهْرِ يُزَوِّجُونَ وَيُزَوَّجُونَ،
وَلكِنَّ الَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلًا لِلْحُصُولِ
عَلَى ذلِكَ الدَّهْرِ وَالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ
يُزَوَّجُونَ،
إِذْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمُوتُوا أَيْضًا،
لأَنَّهُمْ مِثْلُ الْمَلاَئِكَةِ، وَهُمْ أَبْنَاءُ اللهِ، إِذْ هُمْ أَبْنَاءُ
الْقِيَامَةِ.
وَأَمَّا أَنَّ الْمَوْتَى يَقُومُونَ، فَقَدْ
دَلَّ عَلَيْهِ مُوسَى أَيْضًا فِي أَمْرِ الْعُلَّيْقَةِ كَمَا يَقُولُ:
اَلرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ.
وَلَيْسَ هُوَ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ
أَحْيَاءٍ، لأَنَّ الْجَمِيعَ عِنْدَهُ أَحْيَاءٌ».
وَقَالَ لَهُمْ: «كَيْفَ يَقُولُونَ إِنَّ
الْمَسِيحَ ابْنُ دَاوُدَ؟
وَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ
الْمَزَامِيرِ: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي
حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا
لِقَدَمَيْكَ.
فَإِذًا دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا. فَكَيْفَ
يَكُونُ ابْنَهُ؟»
«احْذَرُوا مِنَ
الْكَتَبَةِ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ الْمَشْيَ بِالطَّيَالِسَةِ، وَيُحِبُّونَ
التَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ،
وَالْمُتَّكَآتِ الأُولَى فِي الْوَلاَئِمِ.
اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ،
وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ الصَّلَوَاتِ. هؤُلاَءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ!»
فَقَالَ: «بِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ
هذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنَ الْجَمِيعِ،
لأَنَّ هؤُلاَءِ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا فِي
قَرَابِينِ اللهِ، وَأَمَّا هذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا، أَلْقَتْ كُلَّ
الْمَعِيشَةِ الَّتِي لَهَا
قَالَ
«هذِهِ الَّتِي
تَرَوْنَهَا، سَتَأْتِي أَيَّامٌ لاَ يُتْرَكُ فِيهَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ
يُنْقَض
فَقَالَ: «انْظُرُوا! لاَ تَضِلُّوا. فَإِنَّ
كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: إِنِّي أَنَا هُوَ! وَالزَّمَانُ
قَدْ قَرُبَ! فَلاَ تَذْهَبُوا وَرَاءَهُمْ.
فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحُرُوبٍ وَقَلاَقِل فَلاَ
تَجْزَعُوا، لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ هذَا أَوَّلًا، وَلكِنْ لاَ يَكُونُ
الْمُنْتَهَى سَرِيعًا».
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى
أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ،
وَتَكُونُ زَلاَزِلُ عَظِيمَةٌ فِي أَمَاكِنَ،
وَمَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ. وَتَكُونُ مَخَاوِفُ وَعَلاَمَاتٌ عَظِيمَةٌ مِنَ السَّمَاءِ.
وَقَبْلَ هذَا كُلِّهِ يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ
عَلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، وَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَامِعٍ وَسُجُونٍ،
وَتُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَوُلاَةٍ لأَجْلِ اسْمِي.
فَيَؤُولُ ذلِكَ لَكُمْ شَهَادَةً.
فَضَعُوا فِي قُلُوبِكُمْ أَنْ لاَ تَهْتَمُّوا
مِنْ قَبْلُ لِكَيْ تَحْتَجُّوا،
لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ
يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا.
وَسَوْفَ تُسَلَّمُونَ مِنَ الْوَالِدِينَ
وَالإِخْوَةِ وَالأَقْرِبَاءِ وَالأَصْدِقَاءِ، وَيَقْتُلُونَ مِنْكُمْ.
وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ
أَجْلِ اسْمِي.
وَلكِنَّ شَعْرَةً مِنْ رُؤُوسِكُمْ لاَ تَهْلِكُ.
بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ.
وَمَتَى رَأَيْتُمْ أُورُشَلِيمَ مُحَاطَةً
بِجُيُوشٍ، فَحِينَئِذٍ اعْلَمُوا أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ خَرَابُهَا.
حِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي
الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، وَالَّذِينَ فِي وَسْطِهَا فَلْيَفِرُّوا
خَارِجًا، وَالَّذِينَ فِي الْكُوَرِ فَلاَ يَدْخُلُوهَا،
لأَنَّ هذِهِ أَيَّامُ انْتِقَامٍ، لِيَتِمَّ
كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ.
وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي
تِلْكَ الأَيَّامِ! لأَنَّهُ يَكُونُ ضِيقٌ عَظِيمٌ عَلَى الأَرْضِ وَسُخْطٌ عَلَى
هذَا الشَّعْبِ.
وَيَقَعُونَ بِفَمِ السَّيْفِ، وَيُسْبَوْنَ
إِلَى جَمِيعِ الأُمَمِ، وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ الأُمَمِ، حَتَّى
تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ الأُمَمِ.
«وَتَكُونُ عَلاَمَاتٌ
فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ، وَعَلَى الأَرْضِ كَرْبُ أُمَمٍ
بحَيْرَةٍ. اَلْبَحْرُ وَالأَمْوَاجُ تَضِجُّ،
وَالنَّاسُ يُغْشَى عَلَيْهِمْ مِنْ خَوْفٍ
وَانْتِظَارِ مَا يَأْتِي عَلَى الْمَسْكُونَةِ، لأَنَّ قُوَّاتِ السَّمَاوَاتِ
تَتَزَعْزَعُ.
وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ
آتِيًا فِي سَحَابَةٍ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ.
وَمَتَى ابْتَدَأَتْ هذِهِ تَكُونُ،
فَانْتَصِبُوا وَارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ
وَقَالَ لَهُمْ مَثَلًا: «اُنْظُرُوا إِلَى
شَجَرَةِ التِّينِ وَكُلِّ الأَشْجَارِ.
مَتَى أَفْرَخَتْ تَنْظُرُونَ وَتَعْلَمُونَ مِنْ
أَنْفُسِكُمْ أَنَّ الصَّيْفَ قَدْ قَرُبَ.
هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذِهِ
الأَشْيَاءَ صَائِرَةً، فَاعْلَمُوا أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ قَرِيبٌ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَمْضِي
هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.
اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ
كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.
«فَاحْتَرِزُوا
لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ
الْحَيَاةِ، فَيُصَادِفَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً.
لأَنَّهُ كَالْفَخِّ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ
الْجَالِسِينَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ.
اِسْهَرُوا إِذًا وَتَضَرَّعُوا فِي كُلِّ حِينٍ،
لِكَيْ تُحْسَبُوا أَهْلًا لِلنَّجَاةِ مِنْ جَمِيعِ هذَا الْمُزْمِعِ أَنْ
يَكُونَ، وَتَقِفُوا قُدَّامَ ابْنِ الإِنْسَانِ
قَائِلًا: «اذْهَبَا وَأَعِدَّا لَنَا الْفِصْحَ
لِنَأْكُلَ»
فَقَالَ
لَهُمَا: «إِذَا دَخَلْتُمَا الْمَدِينَةَ يَسْتَقْبِلُكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ
جَرَّةَ مَاءٍ. اِتْبَعَاهُ إِلَى الْبَيْتِ حَيْثُ يَدْخُلُ،
وَقُولاَ لِرَبِّ الْبَيْتِ: يَقُولُ لَكَ
الْمُعَلِّمُ: أَيْنَ الْمَنْزِلُ حَيْثُ آكُلُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي؟
فَذَاكَ يُرِيكُمَا عِلِّيَّةً كَبِيرَةً
مَفْرُوشَةً. هُنَاكَ أَعِدَّا».
وَقَالَ لَهُمْ: «شَهْوَةً اشْتَهَيْتُ أَنْ
آكُلَ هذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ،
لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ آكُلُ مِنْهُ
بَعْدُ حَتَّى يُكْمَلَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ».
ثُمَّ تَنَاوَلَ كَأْسًا وَشَكَرَ وَقَالَ:
«خُذُوا هذِهِ وَاقْتَسِمُوهَا بَيْنَكُمْ،
لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ أَشْرَبُ
مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ حَتَّى يَأْتِيَ مَلَكُوتُ اللهِ
وَأَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ وَكَسَّرَ
وَأَعْطَاهُمْ قَائِلًا: «هذَا هُوَ جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ عَنْكُمْ.
اِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي
وَكَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ
قَائِلًا: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ
عَنْكُمْ.
وَلكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ
مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ.
وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ،
وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ
فَقَالَ لَهُمْ: «مُلُوكُ الأُمَمِ
يَسُودُونَهُمْ، وَالْمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِمْ يُدْعَوْنَ مُحْسِنِينَ.
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ هكَذَا، بَلِ
الْكَبِيرُ فِيكُمْ لِيَكُنْ كَالأَصْغَرِ، وَالْمُتَقَدِّمُ كَالْخَادِمِ.
لأَنْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ: أَلَّذِي يَتَّكِئُ
أَمِ الَّذِي يَخْدُمُ؟ أَلَيْسَ الَّذِي يَتَّكِئُ؟ وَلكِنِّي أَنَا بَيْنَكُمْ
كَالَّذِي يَخْدُمُ.
أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي
تَجَارِبِي
وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي
مَلَكُوتًا
لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي
مَلَكُوتِي، وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ
الاثْنَيْ عَشَرَ
وَقَالَ الرَّبُّ: «سِمْعَانُ، سِمْعَانُ،
هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ
وَلكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ
يَفْنَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ
فَقَالَ: «أَقُولُ لَكَ يَا بُطْرُسُ: لاَ يَصِيحُ
الدِّيكُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ تُنْكِرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي»
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلاَ
كِيسٍ وَلاَ مِزْوَدٍ وَلاَ أَحْذِيَةٍ، هَلْ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟»
فَقَالَ لَهُمْ: «لكِنِ الآنَ، مَنْ لَهُ كِيسٌ
فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ
وَيَشْتَرِ سَيْفًا.
لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ
يَتِمَّ فِيَّ أَيْضًا هذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا
هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ».
فَقَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي
قَالَ لَهُمْ: «صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا
فِي تَجْرِبَةٍ.
قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ
تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ
إِرَادَتُكَ
فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟
قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا يَهُوذَا،
أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟
فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ: «دَعُوا إِلَى هذَا!».
ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ
وَقُوَّادِ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالشُّيُوخِ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ: «كَأَنَّهُ
عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ!
إِذْ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ فِي
الْهَيْكَلِ لَمْ تَمُدُّوا عَلَيَّ الأَيَادِيَ. وَلكِنَّ هذِهِ سَاعَتُكُمْ
وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ
فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ
تُصَدِّقُونَ،
وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ
تُطْلِقُونَنِي.
مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا
عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ
فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي
أَنَا هُوَ
وَقَالَ: «أَنْتَ تَقُولُ.
وَقَالَ: «يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ، لاَ
تَبْكِينَ عَلَيَّ بَلِ ابْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلاَدِكُنَّ،
لأَنَّهُ هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُونَ
فِيهَا: طُوبَى لِلْعَوَاقِرِ وَالْبُطُونِ الَّتِي لَمْ تَلِدْ وَالثُّدِيِّ
الَّتِي لَمْ تُرْضِعْ!
حِينَئِذٍ يَبْتَدِئُونَ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ:
اسْقُطِي عَلَيْنَا! وَلِلآكَامِ: غَطِّينَا!
لأَنَّهُ إِنْ كَانُوا بِالْعُودِ الرَّطْبِ
يَفْعَلُونَ هذَا، فَمَاذَا يَكُونُ بِالْيَابِسِ؟»
فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ،
لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ»..
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ:
إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ
وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «يَا
أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ
الرُّوحَ.
فَقَالَ لَهُمَا: «مَا هذَا الْكَلاَمُ الَّذِي
تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟»
فَقَالَ لَهُمَا: «وَمَا هِيَ؟»
فَقَالَ لَهُمَا: «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ
وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ
الأَنْبِيَاءُ!
أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ
يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟»
وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ
فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ،
وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ
اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا
هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ
كَمَا تَرَوْنَ لِي
وَحِينَ قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ
وَرِجْلَيْهِ.
، قَالَ لَهُمْ: «أَعِنْدَكُمْ ههُنَا
طَعَامٌ؟
وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي
كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ: أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ
جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ
وَالْمَزَامِيرِ
وَقَالَ لَهُمْ: «هكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ،
وَهكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ
الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ
وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ
وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ، مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ.
وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذلِكَ.
وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي.
فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ
الأَعَالِي
-4انجيل يوحنا
فَالْتَفَتَ يَسُوعُ وَنَظَرَهُمَا يَتْبَعَانِ،
فَقَالَ لَهُمَا: «مَاذَا تَطْلُبَانِ؟
فَقَالَ لَهُمَا: «تَعَالَيَا وَانْظُرَا
فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَنْتَ
سِمْعَانُ بْنُ يُونَا. أَنْتَ تُدْعَى صَفَا» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: بُطْرُسُ
فَوَجَدَ فِيلُبُّسَ فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي»
فَقَالَ عَنْهُ: «هُوَذَا إِسْرَائِيلِيٌّ حَقًّا
لاَ غِشَّ فِيهِ»
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «قَبْلَ أَنْ
دَعَاكَ فِيلُبُّسُ وَأَنْتَ تَحْتَ التِّينَةِ، رَأَيْتُكَ
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «هَلْ آمَنْتَ
لأَنِّي قُلْتُ لَكَ إِنِّي رَأَيْتُكَ تَحْتَ التِّينَةِ؟ سَوْفَ تَرَى أَعْظَمَ
مِنْ هذَا
وَقَالَ لَهُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ
لَكُمْ: مِنَ الآنَ تَرَوْنَ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَمَلاَئِكَةَ اللهِ
يَصْعَدُونَ وَيَنْزِلُونَ عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ».
قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا
امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ»
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «امْلأُوا الأَجْرَانَ
مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ.
قَالَ لَهُمُ: «اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا
إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ».
فَصَنَعَ سَوْطًا مِنْ حِبَال وَطَرَدَ
الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ، اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ، وَكَبَّ دَرَاهِمَ
الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ.
وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: «ارْفَعُوا هذِهِ
مِنْ ههُنَا! لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْقُضُوا هذَا
الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ».
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «الْحَقَّ
الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ
أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ
أَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ
لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ
يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ.
اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ،
وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.
لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي
أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ.
اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ
صَوْتَهَا، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ
تَذْهَبُ. هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ».
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ مُعَلِّمُ
إِسْرَائِيلَ وَلَسْتَ تَعْلَمُ هذَا!
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّنَا
إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِمَا نَعْلَمُ وَنَشْهَدُ بِمَا رَأَيْنَا، وَلَسْتُمْ
تَقْبَلُونَ شَهَادَتَنَا.
إِنْ كُنْتُ قُلْتُ لَكُمُ الأَرْضِيَّاتِ
وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ، فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ إِنْ قُلْتُ لَكُمُ
السَّمَاوِيَّاتِ؟
وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ
الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.
«وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى
الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ،
لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ
بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى
بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ
تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى
الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ.
اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ، وَالَّذِي
لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ الْوَحِيدِ.
وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ
قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ
النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً.
لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ
النُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ.
وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ
إِلَى النُّورِ، لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللهِ مَعْمُولَةٌ».
، فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَعْطِينِي
لأَشْرَبَ
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ: «لَوْ كُنْتِ
تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي
لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ: «كُلُّ مَنْ
يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا.
وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي
أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ
يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ
قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «اذْهَبِي وَادْعِي
زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى ههُنَا»
قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «حَسَنًا قُلْتِ: لَيْسَ
لِي زَوْجٌ،
لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ،
وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ
قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ،
صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ، لاَ فِي هذَا الْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ
تَسْجُدُونَ لِلآبِ.
أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ
تَعْلَمُونَ، أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ . لأَنَّ الْخَلاَصَ هُوَ
مِنَ الْيَهُودِ.
وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ الآنَ، حِينَ
السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ
الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ.
اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ
فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا
قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ
هُوَ
فَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا لِي طَعَامٌ لآكُلَ
لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ أَنْتُمْ
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ
مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.
أَمَا تَقُولُونَ: إِنَّهُ يَكُونُ أَرْبَعَةُ
أَشْهُرٍ ثُمَّ يَأْتِي الْحَصَادُ؟ هَا أَنَا أَقُولُ لَكُمُ: ارْفَعُوا
أَعْيُنَكُمْ وَانْظُرُوا الْحُقُولَ إِنَّهَا قَدِ ابْيَضَّتْ لِلْحَصَادِ.
وَالْحَاصِدُ يَأْخُذُ أُجْرَةً وَيَجْمَعُ
ثَمَرًا لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، لِكَيْ يَفْرَحَ الزَّارِعُ وَالْحَاصِدُ
مَعًا.
لأَنَّهُ فِي هذَا يَصْدُقُ الْقَوْلُ: إِنَّ
وَاحِدًا يَزْرَعُ وَآخَرَ يَحْصُدُ.
أَنَا أَرْسَلْتُكُمْ لِتَحْصُدُوا مَا لَمْ
تَتْعَبُوا فِيهِ. آخَرُونَ تَعِبُوا وَأَنْتُمْ قَدْ دَخَلْتُمْ عَلَى تَعَبِهِمْ
لأَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ شَهِدَ أَنْ: «لَيْسَ
لِنَبِيٍّ كَرَامَةٌ فِي وَطَنِهِ
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ تُؤْمِنُونَ إِنْ
لَمْ تَرَوْا آيَاتٍ وَعَجَائِبَ»
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ. اِبْنُكَ حَيٌّ»..
فَقَالَ لَهُ: «أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «قُمِ. احْمِلْ سَرِيرَكَ
وَامْشِ».
وَقَالَ لَهُ: «هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ
تُخْطِئْ أَيْضًا، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَر
فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى
الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ
فَمِنْ أَجْلِ هذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ
أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ
أَيْضًا إِنَّ اللهَ أَبُوهُ، مُعَادِلًا نَفْسَهُ بِاللهِ.
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ:
الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ
لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا
إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهذَا
يَعْمَلُهُ الابْنُ كَذلِكَ.
لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الابْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ
مَا هُوَ يَعْمَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَعْمَالًا أَعْظَمَ مِنْ هذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا
أَنْتُمْ.
لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ
وَيُحْيِي، كَذلِكَ الابْنُ أَيْضًا يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ.
لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ
أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلابْنِ،
لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ
الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ الابْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ.
«اَلْحَقَّ الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي
فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ
انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ
تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ، حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللهِ،
وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ.
لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي
ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ،
وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا أَنْ يَدِينَ أَيْضًا،
لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ.
لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي
سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ،
فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ
إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ
الدَّيْنُونَةِ.
أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي
شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ
مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
«إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ
لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقًّا.
الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ، وَأَنَا
أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌ.
أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يُوحَنَّا فَشَهِدَ
لِلْحَقِّ.
وَأَنَا لاَ أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنْسَانٍ،
وَلكِنِّي أَقُولُ هذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ.
كَانَ هُوَ السِّرَاجَ الْمُوقَدَ الْمُنِيرَ،
وَأَنْتُمْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَةً.
وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ
يُوحَنَّا، لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لأُكَمِّلَهَا، هذِهِ
الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ
قَدْ أَرْسَلَنِي.
وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ
لِي. لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ، وَلاَ أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ،
وَلَيْسَتْ لَكُمْ كَلِمَتُهُ ثَابِتَةً فِيكُمْ،
لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ هُوَ لَسْتُمْ أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِهِ.
فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ
لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.
وَلاَ تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ
لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ.
«مَجْدًا مِنَ النَّاسِ
لَسْتُ أَقْبَلُ،
وَلكِنِّي قَدْ عَرَفْتُكُمْ أَنْ لَيْسَتْ
لَكُمْ مَحَبَّةُ اللهِ فِي أَنْفُسِكُمْ.
أَنَا قَدْ أَتَيْتُ بِاسْمِ أَبِي وَلَسْتُمْ
تَقْبَلُونَنِي. إِنْ أَتَى آخَرُ بِاسْمِ نَفْسِهِ فَذلِكَ تَقْبَلُونَهُ.
كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ
تَقْبَلُونَ مَجْدًا بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلهِ
الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟
«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي
أَشْكُوكُمْ إِلَى الآبِ. يُوجَدُ الَّذِي يَشْكُوكُمْ وَهُوَ مُوسَى، الَّذِي
عَلَيْهِ رَجَاؤُكُمْ.
لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى
لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي.
فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتُبَ
ذَاكَ، فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كَلاَمِي؟»
فَقَالَ لِفِيلُبُّسَ: «مِنْ أَيْنَ نَبْتَاعُ
خُبْزًا لِيَأْكُلَ هؤُلاَءِ؟»
فَقَالَ يَسُوعُ: «اجْعَلُوا النَّاسَ
يَتَّكِئُونَ»..
قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «اجْمَعُوا الْكِسَرَ
الْفَاضِلَةَ لِكَيْ لاَ يَضِيعَ شَيْءٌ
فَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا هُوَ، لاَ تَخَافُوا
أَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «الْحَقَّ الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ
أَنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي لَيْسَ لأَنَّكُمْ رَأَيْتُمْ آيَاتٍ،
بَلْ لأَنَّكُمْ أَكَلْتُمْ مِنَ الْخُبْزِ فَشَبِعْتُمْ.
اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ
لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ
الإِنْسَانِ، لأَنَّ هذَا اللهُ الآبُ قَدْ خَتَمَهُ
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا هُوَ
عَمَلُ اللهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِي هُوَ أَرْسَلَهُ
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ
لَكُمْ: لَيْسَ مُوسَى أَعْطَاكُمُ الْخُبْزَ مِنَ السَّمَاءِ، بَلْ أَبِي
يُعْطِيكُمُ الْخُبْزَ الْحَقِيقِيَّ مِنَ السَّمَاءِ،
لأَنَّ خُبْزَ اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ
السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ
الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ
يَعْطَشُ أَبَدًا.
وَلكِنِّي قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ قَدْ
رَأَيْتُمُونِي، وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ.
كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ،
وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا.
لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ
لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
وَهذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي:
أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئًا، بَلْ أُقِيمُهُ فِي
الْيَوْمِ الأَخِيرِ.
لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي
أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ
حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ
تَتَذَمَّرُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ.
لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيَّ إِنْ
لَمْ يَجْتَذِبْهُ الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ
الأَخِيرِ.
إِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: وَيَكُونُ
الْجَمِيعُ مُتَعَلِّمِينَ مِنَ اللهِ. فَكُلُّ مَنْ سَمِعَ مِنَ الآبِ
وَتَعَلَّمَ يُقْبِلُ إِلَيَّ.
لَيْسَ أَنَّ أَحَدًا رَأَى الآبَ إِلاَّ الَّذِي
مِنَ اللهِ. هذَا قَدْ رَأَى الآبَ.
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ
يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ.
أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ.
آبَاؤُكُمْ أَكَلُوا الْمَنَّ فِي الْبَرِّيَّةِ
وَمَاتُوا.
هذَا هُوَ الْخُبْزُ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ،
لِكَيْ يَأْكُلَ مِنْهُ الإِنْسَانُ وَلاَ يَمُوتَ.
أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ
مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ.
وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ
حَيَاةِ الْعَالَمِ
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا
دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ.
مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ
حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ،
لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌ وَدَمِي مَشْرَبٌ
حَقٌ.
مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ
فِيَّ وَأَنَا فِيهِ.
كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ
بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي.
هذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ
السَّمَاءِ. لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا. مَنْ يَأْكُلْ
هذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ
فَقَالَ لَهُمْ: «أَهذَا يُعْثِرُكُمْ؟
فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا
إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلًا!
اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا
الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا.
اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ،
وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ».
لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ،
وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ.
فَقَالَ: «لِهذَا قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ
يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ أَبِي
فَقَالَ يَسُوعُ لِلاثْنَيْ عَشَرَ:
«أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا؟
أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا
اخْتَرْتُكُمْ، الاثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «إِنَّ وَقْتِي لَمْ
يَحْضُرْ بَعْدُ، وَأَمَّا وَقْتُكُمْ فَفِي كُلِّ حِينٍ حَاضِرٌ.
لاَ يَقْدِرُ الْعَالَمُ أَنْ يُبْغِضَكُمْ،
وَلكِنَّهُ يُبْغِضُنِي أَنَا، لأَنِّي أَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّ أَعْمَالَهُ
شِرِّيرَةٌ.
اِصْعَدُوا أَنْتُمْ إِلَى هذَا الْعِيدِ. أَنَا
لَسْتُ أَصْعَدُ بَعْدُ إِلَى هذَا الْعِيدِ، لأَنَّ وَقْتِي لَمْ يُكْمَلْ بَعْدُ
أَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «تَعْلِيمِي لَيْسَ
لِي بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي.
إِنْ شَاءَ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ مَشِيئَتَهُ
يَعْرِفُ التَّعْلِيمَ، هَلْ هُوَ مِنَ اللهِ، أَمْ أَتَكَلَّمُ أَنَا مِنْ
نَفْسِي.
مَنْ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ يَطْلُبُ مَجْدَ
نَفْسِهِ، وَأَمَّا مَنْ يَطْلُبُ مَجْدَ الَّذِي أَرْسَلَهُ فَهُوَ صَادِقٌ
وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمٌ.
أَلَيْسَ مُوسَى قَدْ أَعْطَاكُمُ النَّامُوسَ؟
وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَعْمَلُ النَّامُوسَ! لِمَاذَا تَطْلُبُونَ أَنْ
تَقْتُلُونِي؟
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «عَمَلًا وَاحِدًا
عَمِلْتُ فَتَتَعَجَّبُونَ جَمِيعًا.
لِهذَا أَعْطَاكُمْ مُوسَى الْخِتَانَ، لَيْسَ
أَنَّهُ مِنْ مُوسَى، بَلْ مِنَ الآبَاءِ. فَفِي السَّبْتِ تَخْتِنُونَ
الإِنْسَانَ.
فَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ يَقْبَلُ الْخِتَانَ
فِي السَّبْتِ، لِئَلاَّ يُنْقَضَ نَامُوسُ مُوسَى، أَفَتَسْخَطُونَ عَلَيَّ
لأَنِّي شَفَيْتُ إِنْسَانًا كُلَّهُ فِي السَّبْتِ؟
لاَ تَحْكُمُوا حَسَبَ الظَّاهِرِ بَلِ احْكُمُوا
حُكْمًا عَادِلًا
فَنَادَى يَسُوعُ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي
الْهَيْكَلِ قِائِلًا:
«تَعْرِفُونَنِي
وَتَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ أَنَا، وَمِنْ نَفْسِي لَمْ آتِ، بَلِ الَّذِي
أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌ، الَّذِي أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ.
أَنَا أَعْرِفُهُ لأَنِّي مِنْهُ، وَهُوَ
أَرْسَلَنِي».
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ
زَمَانًا يَسِيرًا بَعْدُ، ثُمَّ أَمْضِي إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي.
سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي، وَحَيْثُ
أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا
وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ
الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قِائِلًا: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ
إِلَيَّ وَيَشْرَبْ.
مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي
مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ
قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ
الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ
لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ
بَعْدُ.
وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ
خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ
قَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ
أُولئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟»
فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ.
اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا
ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلًا:
«أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ
بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «وَإِنْ كُنْتُ
أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي حَقٌ، لأَنِّي أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ
وَإِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ آتِي
وَلاَ إِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ.
أَنْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ تَدِينُونَ، أَمَّا
أَنَا فَلَسْتُ أَدِينُ أَحَدًا.
وَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَدِينُ فَدَيْنُونَتِي
حَقٌ، لأَنِّي لَسْتُ وَحْدِي، بَلْ أَنَا وَالآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
وَأَيْضًا فِي نَامُوسِكُمْ مَكْتُوبٌ أَنَّ
شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ حَقٌ:
أَنَا هُوَ الشَّاهِدُ لِنَفْسِي، وَيَشْهَدُ لِي
الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي
أَجَابَ
يَسُوعُ: «لَسْتُمْ تَعْرِفُونَنِي أَنَا وَلاَ أَبِي. لَوْ عَرَفْتُمُونِي
لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «أَنَا أَمْضِي
وَسَتَطْلُبُونَنِي، وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ
تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا
فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ، أَمَّا
أَنَا فَمِنْ فَوْقُ.
أَنْتُمْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ
هذَا الْعَالَمِ.
فَقُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي
خَطَايَاكُمْ، لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي
خَطَايَاكُمْ
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مِنَ الْبَدْءِ
مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِهِ
إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ
وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ، لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌ. وَأَنَا
مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فَهذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ».
وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ
عَنِ الآبِ.
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ
الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَلَسْتُ أَفْعَلُ
شَيْئًا مِنْ نَفْسِي، بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي.
وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ
يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ
فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا
بِهِ: «إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ
تَلاَمِيذِي،
وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ
يُحَرِّرُكُمْ
أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ
لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ.
وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى
الأَبَدِ، أَمَّا الابْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ.
فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ
تَكُونُونَ أَحْرَارًا.
أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ
إِبْرَاهِيمَ. لكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لأَنَّ كَلاَمِي لاَ
مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ.
أَنَا أَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْتُ عِنْدَ أَبِي،
وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مَا رَأَيْتُمْ عِنْدَ أَبِيكُمْ».
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ
إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ
وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ
تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ
مِنَ اللهِ. هذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ
أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ».
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كَانَ اللهُ
أَبَاكُمْ لَكُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي، لأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ اللهِ
وَأَتَيْتُ. لأَنِّي لَمْ آتِ مِنْ نَفْسِي، بَلْ ذَاكَ أَرْسَلَنِي.
لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كَلاَمِي؟ لأَنَّكُمْ
لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي.
أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ
أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ
الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌ. مَتَى
تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ
وَأَبُو الْكَذَّابِ.
وَأَمَّا أَنَا فَلأَنِّي أَقُولُ الْحَقَّ
لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي.
مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟
فَإِنْ كُنْتُ أَقُولُ الْحَقَّ، فَلِمَاذَا لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي؟
اَلَّذِي مِنَ اللهِ يَسْمَعُ كَلاَمَ اللهِ.
لِذلِكَ أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَسْمَعُونَ، لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ اللهِ
أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنَا لَيْسَ بِي شَيْطَانٌ،
لكِنِّي أُكْرِمُ أَبِي وَأَنْتُمْ تُهِينُونَنِي.
أَنَا لَسْتُ أَطْلُبُ مَجْدِي. يُوجَدُ مَنْ
يَطْلُبُ وَيَدِينُ.
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ
أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلاَمِي فَلَنْ يَرَى الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ
أَجَابَ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ أُمَجِّدُ نَفْسِي
فَلَيْسَ مَجْدِي شَيْئًا. أَبِي هُوَ الَّذِي يُمَجِّدُنِي، الَّذِي تَقُولُونَ
أَنْتُمْ إِنَّهُ إِلهُكُمْ،
وَلَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. وَأَمَّا أَنَا
فَأَعْرِفُهُ. وَإِنْ قُلْتُ إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُهُ أَكُونُ مِثْلَكُمْ
كَاذِبًا، لكِنِّي أَعْرِفُهُ وَأَحْفَظُ قَوْلَهُ.
أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ تَهَلَّلَ بِأَنْ يَرَى
يَوْمِي فَرَأَى وَفَرِحَ
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ
أَجَابَ يَسُوعُ: «لاَ هذَا أَخْطَأَ وَلاَ
أَبَوَاهُ، لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ.
يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي
أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ
يَعْمَلَ.
مَا دُمْتُ فِي الْعَالَمِ فَأَنَا نُورُ
الْعَالَمِ
قَالَ هذَا وَتَفَلَ عَلَى الأَرْضِ وَصَنَعَ
مِنَ التُّفْلِ طِينًا وَطَلَى بِالطِّينِ عَيْنَيِ الأَعْمَى.
وَقَالَ لَهُ: «اذْهَبِ اغْتَسِلْ فِي بِرْكَةِ
سِلْوَامَ»
فَسَمِعَ يَسُوعُ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ
خَارِجًا، فَوَجَدَهُ وَقَالَ لَهُ: «أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ؟»
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «قَدْ رَأَيْتَهُ،
وَالَّذِي يَتَكَلَّمُ مَعَكَ هُوَ هُوَ
فَقَالَ يَسُوعُ: «لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا
إِلَى هذَا الْعَالَمِ، حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى
الَّذِينَ يُبْصِرُونَ
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ عُمْيَانًا
لَمَا كَانَتْ لَكُمْ خَطِيَّةٌ. وَلكِنِ الآنَ تَقُولُونَ إِنَّنَا نُبْصِرُ،
فَخَطِيَّتُكُمْ بَاقِيَةٌ.
«اَلْحَقَّ الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الَّذِي لاَ يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ إِلَى حَظِيرَةِ
الْخِرَافِ، بَلْ يَطْلَعُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، فَذَاكَ سَارِقٌ وَلِصٌّ.
وَأَمَّا الَّذِي يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ فَهُوَ
رَاعِي الْخِرَافِ.
لِهذَا يَفْتَحُ الْبَوَّابُ، وَالْخِرَافُ
تَسْمَعُ صَوْتَهُ، فَيَدْعُو خِرَافَهُ الْخَاصَّةَ بِأَسْمَاءٍ وَيُخْرِجُهَا.
وَمَتَى أَخْرَجَ خِرَافَهُ الْخَاصَّةَ يَذْهَبُ
أَمَامَهَا، وَالْخِرَافُ تَتْبَعُهُ، لأَنَّهَا تَعْرِفُ صَوْتَهُ.
وَأَمَّا الْغَرِيبُ فَلاَ تَتْبَعُهُ بَلْ
تَهْرُبُ مِنْهُ، لأَنَّهَا لاَ تَعْرِفُ صَوْتَ الْغُرَبَاءِ
هذَا الْمَثَلُ قَالَهُ لَهُمْ يَسُوعُ، وَأَمَّا
هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مَا هُوَ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ.
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «الْحَقَّ
الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا بَابُ الْخِرَافِ.
جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ
وَلُصُوصٌ، وَلكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ.
أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ
فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى.
اَلسَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ
وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ، وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ
وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ.
أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي
الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ.
وَأَمَّا الَّذِي هُوَ أَجِيرٌ، وَلَيْسَ
رَاعِيًا، الَّذِي لَيْسَتِ الْخِرَافُ لَهُ، فَيَرَى الذِّئْبَ مُقْبِلًا
وَيَتْرُكُ الْخِرَافَ وَيَهْرُبُ، فَيَخْطَفُ الذِّئْبُ الْخِرَافَ
وَيُبَدِّدُهَا.
وَالأَجِيرُ يَهْرُبُ لأَنَّهُ أَجِيرٌ، وَلاَ
يُبَالِي بِالْخِرَافِ.
أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ،
وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي،
كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ
الآبَ. وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ الْخِرَافِ.
وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ
الْحَظِيرَةِ، يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضًا فَتَسْمَعُ صَوْتِي،
وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ.
لِهذَا يُحِبُّنِي الآبُ، لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي
لآخُذَهَا أَيْضًا.
لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ
أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ
آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي
أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ
وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ.
اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ
تَشْهَدُ لِي.
وَلكِنَّكُمْ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ لأَنَّكُمْ
لَسْتُمْ مِنْ خِرَافِي، كَمَا قُلْتُ لَكُمْ.
خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا
فَتَتْبَعُنِي.
وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ
تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي.
أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ
أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي.
أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ
أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَعْمَالًا كَثِيرَةً
حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي. بِسَبَبِ أَيِّ عَمَل مِنْهَا
تَرْجُمُونَنِي؟»
أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي
نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟
إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ
إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ،
فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى
الْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ
اللهِ؟
إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي
فَلاَ تُؤْمِنُوا بِي.
وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ
تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِالأَعْمَالِ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ
الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ
فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ، قَالَ: «هذَا الْمَرَضُ
لَيْسَ لِلْمَوْتِ، بَلْ لأَجْلِ مَجْدِ اللهِ، لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ اللهِ بِهِ
ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ:
«لِنَذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ أَيْضًا
أَجَابَ يَسُوعُ: «أَلَيْسَتْ سَاعَاتُ
النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ؟ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَمْشِي فِي النَّهَارِ لاَ
يَعْثُرُ لأَنَّهُ يَنْظُرُ نُورَ هذَا الْعَالَمِ،
وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَمْشِي فِي اللَّيْلِ
يَعْثُرُ، لأَنَّ النُّورَ لَيْسَ فِيهِ
قَالَ هذَا وَبَعْدَ ذلِكَ قَالَ لَهُمْ:
«لِعَازَرُ حَبِيبُنَا قَدْ نَامَ. لكِنِّي أَذْهَبُ لأُوقِظَهُ
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ حِينَئِذٍ عَلاَنِيَةً:
«لِعَازَرُ مَاتَ.
وَأَنَا أَفْرَحُ لأَجْلِكُمْ إِنِّي لَمْ أَكُنْ
هُنَاكَ، لِتُؤْمِنُوا. وَلكِنْ لِنَذْهَبْ إِلَيْهِ
قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «سَيَقُومُ أَخُوكِ
قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ
وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا،
وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ
يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟
وَقَالَ: «أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ
قَالَ يَسُوعُ: «ارْفَعُوا الْحَجَرَ
قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَلَمْ أَقُلْ لَكِ: إِنْ
آمَنْتِ تَرَيْنَ مَجْدَ اللهِ؟
وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ،
وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي،
وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ
تَسْمَعُ لِي. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ، لِيُؤْمِنُوا
أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي
وَلَمَّا قَالَ هذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ:
«لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجًا
. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «حُلُّوهُ
وَدَعُوهُ يَذْهَبْ
فَقَالَ يَسُوعُ: «اتْرُكُوهَا! إِنَّهَا
لِيَوْمِ تَكْفِينِي قَدْ حَفِظَتْهُ،
لأَنَّ الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ،
وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ
وَأَمَّا يَسُوعُ فَأَجَابَهُمَا قِائِلًا: «قَدْ
أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ.
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ
تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا.
وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ.
مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ
يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ.
إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي،
وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ
يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ.
اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا
أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ؟ وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا
أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ،
أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ!»!»
أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ: «لَيْسَ مِنْ أَجْلِي
صَارَ هذَا الصَّوْتُ، بَلْ مِنْ أَجْلِكُمْ.
اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ
يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا.
وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ
إِلَيَّ الْجَمِيعَ
قَالَ هذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ
مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ.
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «النُّورُ مَعَكُمْ
زَمَانًا قَلِيلًا بَعْدُ، فَسِيرُوا مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ لِئَلاَّ
يُدْرِكَكُمُ الظَّلاَمُ. وَالَّذِي يَسِيرُ فِي الظَّلاَمِ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ
يَذْهَبُ.
مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ آمِنُوا بِالنُّورِ
لِتَصِيرُوا أَبْنَاءَ النُّورِ»..
فَنَادَى يَسُوعُ وَقَالَ: «الَّذِي يُؤْمِنُ
بِي، لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي.
وَالَّذِي يَرَانِي يَرَى الَّذِي أَرْسَلَنِي.
أَنَا قَدْ جِئْتُ نُورًا إِلَى الْعَالَمِ،
حَتَّى كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي لاَ يَمْكُثُ فِي الظُّلْمَةِ.
وَإِنْ سَمِعَ أَحَدٌ كَلاَمِي وَلَمْ يُؤْمِنْ
فَأَنَا لاَ أَدِينُهُ، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لأُخَلِّصَ
الْعَالَمَ.
مَنْ رَذَلَنِي وَلَمْ يَقْبَلْ كَلاَمِي فَلَهُ
مَنْ يَدِينُهُ.
اَلْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ هُوَ يَدِينُهُ فِي
الْيَوْمِ الأَخِيرِ،
لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ
الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا
أَتَكَلَّمُ.
وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ
أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ، فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هكَذَا
أَتَكَلَّمُ
أَمَّا يَسُوعُ قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ، وَهُوَ
عَالِمٌ أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هذَا الْعَالَمِ إِلَى
الآبِ، إِذْ كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ، أَحَبَّهُمْ
إِلَى الْمُنْتَهَى.
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «لَسْتَ تَعْلَمُ
أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ، وَلكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ
أَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ لاَ أَغْسِلُكَ
فَلَيْسَ لَكَ مَعِي نَصِيبٌ
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ
لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ.
وَأَنْتُمْ طَاهِرُونَ وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّكُمْ
لأَنَّهُ عَرَفَ مُسَلِّمَهُ، لِذلِكَ قَالَ:
«لَسْتُمْ كُلُّكُمْ طَاهِرِينَ
فَلَمَّا كَانَ قَدْ غَسَلَ أَرْجُلَهُمْ
وَأَخَذَ ثِيَابَهُ وَاتَّكَأَ أَيْضًا، قَالَ لَهُمْ: «أَتَفْهَمُونَ مَا قَدْ
صَنَعْتُ بِكُمْ؟
أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّمًا وَسَيِّدًا،
وَحَسَنًا تَقُولُونَ، لأَنِّي أَنَا كَذلِكَ.
فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ
قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ، فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ
بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ،
لأَنِّي أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالًا، حَتَّى كَمَا
صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا.
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ
لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.
إِنْ عَلِمْتُمْ هذَا فَطُوبَاكُمْ إِنْ
عَمِلْتُمُوهُ.
«لَسْتُ أَقُولُ عَنْ
جَمِيعِكُمْ. أَنَا أَعْلَمُ الَّذِينَ اخْتَرْتُهُمْ. لكِنْ لِيَتِمَّ
الْكِتَابُ: اَلَّذِي يَأْكُلُ مَعِي الْخُبْزَ رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ.
أَقُولُ لَكُمُ الآنَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ،
حَتَّى مَتَى كَانَ تُؤْمِنُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ.
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمُ: الَّذِي
يَقْبَلُ مَنْ أُرْسِلُهُ يَقْبَلُنِي، وَالَّذِي يَقْبَلُنِي يَقْبَلُ الَّذِي
أَرْسَلَنِي
لَمَّا قَالَ يَسُوعُ هذَا اضْطَرَبَ بِالرُّوحِ،
وَشَهِدَ وَقَالَ:
«الْحَقَّ الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ سَيُسَلِّمُنِي
أَجَابَ يَسُوعُ: «هُوَ ذَاكَ الَّذِي أَغْمِسُ
أَنَا اللُّقْمَةَ وَأُعْطِيهِ!».
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَا أَنْتَ تَعْمَلُهُ
فَاعْمَلْهُ بِأَكْثَرِ سُرْعَةٍ
فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ يَسُوعُ: «الآنَ تَمَجَّدَ
ابْنُ الإِنْسَانِ وَتَمَجَّدَ اللهُ فِيهِ.
إِنْ كَانَ اللهُ قَدْ تَمَجَّدَ فِيهِ، فَإِنَّ
اللهَ سَيُمَجِّدُهُ فِي ذَاتِهِ، وَيُمَجِّدُهُ سَرِيعًا.
يَا أَوْلاَدِي، أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا
قَلِيلًا بَعْدُ.
سَتَطْلُبُونَنِي، وَكَمَا قُلْتُ لِلْيَهُودِ: حَيْثُ
أَذْهَبُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا، أَقُولُ لَكُمْ أَنْتُمُ
الآنَ.
وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ
تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ
أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.
أَجَابَهُ يَسُوعُ: «حَيْثُ أَذْهَبُ لاَ
تَقْدِرُ الآنَ أَنْ تَتْبَعَنِي، وَلكِنَّكَ سَتَتْبَعُنِي أَخِيرًا».
أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَتَضَعُ نَفْسَكَ عَنِّي؟
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ حَتَّى تُنْكِرَنِي
ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
«لاَ تَضْطَرِبْ
قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي
فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ
فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا،
وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا
آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ
أَنْتُمْ أَيْضًا،
وَتَعْلَمُونَ حَيْثُ أَنَا أَذْهَبُ
وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ».
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ
وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.
لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ
أَبِي أَيْضًا. وَمِنَ الآنَ تَعْرِفُونَهُ وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ».
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا
هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى
الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟
أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ
وَالآبَ فِيَّ؟ الْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ
مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ.
صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ،
وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا.
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ
يُؤْمِنُ بِي فَالأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أَيْضًا،
وَيَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا، لأَنِّي مَاضٍ إِلَى أَبِي.
وَمَهْمَا سَأَلْتُمْ بِاسْمِي فَذلِكَ
أَفْعَلُهُ لِيَتَمَجَّدَ الآبُ بِالابْنِ.
إِنْ سَأَلْتُمْ شَيْئًا بِاسْمِي فَإِنِّي
أَفْعَلُهُ.
«إِنْ كُنْتُمْ
تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ،
وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ
مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ،
رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ
الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا
أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ.
لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي
إِلَيْكُمْ.
بَعْدَ قَلِيل لاَ يَرَانِي الْعَالَمُ أَيْضًا،
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي. إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ.
فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا
فِي أَبِي، وَأَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ.
اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا
فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وَأَنَا
أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي».
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ أَحَبَّنِي
أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ
نَصْنَعُ مَنْزِلًا.
اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كَلاَمِي.
وَالْكَلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
بِهذَا كَلَّمْتُكُمْ وَأَنَا عِنْدَكُمْ.
وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ،
الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ،
وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ
«سَلاَمًا أَتْرُكُ
لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ
أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ.
سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلْتُ لَكُمْ: أَنَا أَذْهَبُ
ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي
قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ، لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.
وَقُلْتُ لَكُمُ الآنَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ،
حَتَّى مَتَى كَانَ تُؤْمِنُونَ.
لاَ أَتَكَلَّمُ أَيْضًا مَعَكُمْ كَثِيرًا،
لأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ.
وَلكِنْ لِيَفْهَمَ الْعَالَمُ أَنِّي أُحِبُّ
الآبَ، وَكَمَا أَوْصَانِي الآبُ هكَذَا أَفْعَلُ. قُومُوا نَنْطَلِقْ مِنْ ههُنَا.
«أَنَا الْكَرْمَةُ
الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ.
كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ
يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ
أَكْثَرَ.
أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ
الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ.
اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ
الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ
فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ.
أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ.
الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ
بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا.
إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ
خَارِجًا كَالْغُصْنِ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّارِ،
فَيَحْتَرِقُ.
إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كَلاَمِي فِيكُمْ
تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ.
بِهذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي: أَنْ تَأْتُوا
بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تَلاَمِيذِي.
كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ
أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي.
إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي
مَحَبَّتِي، كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي
مَحَبَّتِهِ.
كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي
فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ.
«هذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي
أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ.
لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ
يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ.
أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا
أُوصِيكُمْ بِهِ.
لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ
الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ
لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي.
لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا
اخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ
ثَمَرُكُمْ، لِكَيْ يُعْطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ بِاسْمِي.
بِهذَا أُوصِيكُمْ حَتَّى تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.
«إِنْ كَانَ الْعَالَمُ
يُبْغِضُكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أَبْغَضَنِي قَبْلَكُمْ.
لَوْ كُنْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ لَكَانَ
الْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلكِنْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ، بَلْ أَنَا
اخْتَرْتُكُمْ مِنَ الْعَالَمِ، لِذلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ.
اُذْكُرُوا الْكَلاَمَ الَّذِي قُلْتُهُ لَكُمْ:
لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي
فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كَلاَمِي فَسَيَحْفَظُونَ
كَلاَمَكُمْ.
لكِنَّهُمْ إِنَّمَا يَفْعَلُونَ بِكُمْ هذَا
كُلَّهُ مِنْ أَجْلِ اسْمِي، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ جِئْتُ وَكَلَّمْتُهُمْ،
لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ، وَأَمَّا الآنَ فَلَيْسَ لَهُمْ عُذْرٌ فِي
خَطِيَّتِهِمْ.
اَلَّذِي يُبْغِضُنِي يُبْغِضُ أَبِي أَيْضًا.
لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ عَمِلْتُ بَيْنَهُمْ
أَعْمَالًا لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ غَيْرِي، لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ،
وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ رَأَوْا وَأَبْغَضُونِي أَنَا وَأَبِي.
لكِنْ لِكَيْ تَتِمَّ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ
فِي نَامُوسِهِمْ: إِنَّهُمْ أَبْغَضُونِي بِلاَ سَبَبٍ.
«وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي
الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ
عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي.
وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا لأَنَّكُمْ مَعِي
مِنَ الابْتِدَاءِ.
«قَدْ كَلَّمْتُكُمْ
بِهذَا لِكَيْ لاَ تَعْثُرُوا.
سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ، بَلْ
تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ
خِدْمَةً للهِ.
وَسَيَفْعَلُونَ هذَا بِكُمْ لأَنَّهُمْ لَمْ
يَعْرِفُوا الآبَ وَلاَ عَرَفُونِي.
لكِنِّي قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا حَتَّى إِذَا
جَاءَتِ السَّاعَةُ تَذْكُرُونَ أَنِّي أَنَا قُلْتُهُ لَكُمْ. وَلَمْ أَقُلْ
لَكُمْ مِنَ الْبِدَايَةِ لأَنِّي كُنْتُ مَعَكُمْ.
«وَأَمَّا الآنَ
فَأَنَا مَاضٍ إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَسْأَلُنِي:
أَيْنَ تَمْضِي؟
لكِنْ لأَنِّي قُلْتُ لَكُمْ هذَا قَدْ مَلأَ
الْحُزْنُ قُلُوبَكُمْ.
لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ
لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ
الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ.
وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى
خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ:
أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ
يُؤْمِنُونَ بِي.
وَأَمَّا عَلَى بِرّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى
أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضًا.
وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ
هذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.
«إِنَّ لِي أُمُورًا
كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ، وَلكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا
الآنَ.
وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ،
فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ
نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ
آتِيَةٍ.
ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا
لِي وَيُخْبِرُكُمْ.
كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي. لِهذَا قُلْتُ
إِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.
بَعْدَ قَلِيل لاَ تُبْصِرُونَنِي، ثُمَّ بَعْدَ
قَلِيل أَيْضًا تَرَوْنَنِي، لأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى الآبِ
فَعَلِمَ يَسُوعُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُرِيدُونَ
أَنْ يَسْأَلُوهُ، فَقَالَ لَهُمْ: «أَعَنْ هذَا تَتَسَاءَلُونَ فِيمَا
بَيْنَكُمْ، لأَنِّي قُلْتُ:
بَعْدَ قَلِيل لاَ تُبْصِرُونَنِي، ثُمَّ بَعْدَ قَلِيل
أَيْضًا تَرَوْنَنِي.
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ
سَتَبْكُونَ وَتَنُوحُونَ وَالْعَالَمُ يَفْرَحُ. أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ،
وَلكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ.
اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ
سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ، وَلكِنْ مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ
الشِّدَّةَ لِسَبَبِ الْفَرَحِ، لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ.
فَأَنْتُمْ كَذلِكَ، عِنْدَكُمُ الآنَ حُزْنٌ.
وَلكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضًا فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ، وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ
فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ.
وَفِي ذلِكَ الْيَوْمِ لاَ تَسْأَلُونَنِي
شَيْئًا. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ مِنَ
الآبِ بِاسْمِي يُعْطِيكُمْ.
إِلَى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا شَيْئًا بِاسْمِي.
اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا، لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا.
«قَدْ كَلَّمْتُكُمْ
بِهذَا بِأَمْثَال، وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ حِينَ لاَ أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا
بِأَمْثَال، بَلْ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الآبِ عَلاَنِيَةً.
فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَطْلُبُونَ بِاسْمِي.
وَلَسْتُ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي أَنَا أَسْأَلُ الآبَ مِنْ أَجْلِكُمْ،
لأَنَّ الآبَ نَفْسَهُ يُحِبُّكُمْ، لأَنَّكُمْ
قَدْ أَحْبَبْتُمُونِي، وَآمَنْتُمْ أَنِّي مِنْ عِنْدِ اللهِ خَرَجْتُ.
خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ الآبِ، وَقَدْ أَتَيْتُ
إِلَى الْعَالَمِ، وَأَيْضًا أَتْرُكُ الْعَالَمَ وَأَذْهَبُ إِلَى الآبِ
أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلآنَ تُؤْمِنُونَ؟
هُوَذَا تَأْتِي سَاعَةٌ، وَقَدْ أَتَتِ الآنَ،
تَتَفَرَّقُونَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَاصَّتِهِ، وَتَتْرُكُونَنِي وَحْدِي.
وَأَنَا لَسْتُ وَحْدِي لأَنَّ الآبَ مَعِي.
قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ
فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا
قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ
تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ
نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ:
«أَيُّهَا الآبُ، قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ
لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضًا،
إِذْ أَعْطَيْتَهُ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ جَسَدٍ
لِيُعْطِيَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ مَنْ أَعْطَيْتَهُ.
وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ
يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي
أَرْسَلْتَهُ.
أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ
الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.
وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ
ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ.
«أَنَا أَظْهَرْتُ
اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ
وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي، وَقَدْ حَفِظُوا كَلاَمَكَ.
وَالآنَ عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَيْتَنِي
هُوَ مِنْ عِنْدِكَ،
لأَنَّ الْكَلاَمَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ
أَعْطَيْتُهُمْ، وَهُمْ قَبِلُوا وَعَلِمُوا يَقِينًا أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ
عِنْدِكَ، وَآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.
مِنْ أَجْلِهِمْ أَنَا أَسْأَلُ. لَسْتُ أَسْأَلُ
مِنْ أَجْلِ الْعَالَمِ، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لأَنَّهُمْ
لَكَ.
وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ، وَمَا هُوَ
لَكَ فَهُوَ لِي، وَأَنَا مُمَجَّدٌ فِيهِمْ.
وَلَسْتُ أَنَا بَعْدُ فِي الْعَالَمِ، وَأَمَّا
هؤُلاَءِ فَهُمْ فِي الْعَالَمِ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ. أَيُّهَا الآبُ
الْقُدُّوسُ، احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا
وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ.
حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ
أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ.
الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ، وَلَمْ يَهْلِكْ
مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهَلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ.
أَمَّا الآنَ فَإِنِّي آتِي إِلَيْكَ.
وَأَتَكَلَّمُ بِهذَا فِي الْعَالَمِ لِيَكُونَ لَهُمْ فَرَحِي كَامِلًا فِيهِمْ.
أَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ كَلاَمَكَ،
وَالْعَالَمُ أَبْغَضَهُمْ لأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ، كَمَا أَنِّي
أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ،
لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ
الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ.
لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا
لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ.
قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلاَمُكَ هُوَ حَقٌ.
كَمَا أَرْسَلْتَنِي إِلَى الْعَالَمِ
أَرْسَلْتُهُمْ أَنَا إِلَى الْعَالَمِ،
وَلأَجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي،
لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا مُقَدَّسِينَ فِي الْحَقِّ.
«وَلَسْتُ أَسْأَلُ
مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي
بِكَلاَمِهِمْ،
لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ
أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا
فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي.
وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي
أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ.
أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا
مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي،
وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي.
أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ
أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي
الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ.
أَيُّهَا الآبُ الْبَارُّ، إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ
يَعْرِفْكَ، أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ، وَهؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ
أَرْسَلْتَنِي.
وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ،
لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ
وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟
قَالَ لَهُمْ: «أَنَا هُوَ»..
فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ: «إِنِّي أَنَا هُوَ»،.
فَسَأَلَهُمْ أَيْضًا: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟»
أَجَابَ يَسُوع: «قَدْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي
أَنَا هُوَ. فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فَدَعُوا هؤُلاَءِ يَذْهَبُونَ
لِيَتِمَّ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ: «إِنَّ
الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لَمْ أُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدًا
فَقَالَ يَسُوعُ لِبُطْرُسَ: «اجْعَلْ سَيْفَكَ
فِي الْغِمْدِ! الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَلاَ أَشْرَبُهَا؟»
أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ عَلاَنِيَةً.
أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ
الْيَهُودُ دَائِمًا. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ.
لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ
قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ
أَنَا
أَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ
تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا
تَضْرِبُنِي؟»
لِيَتِمَّ قَوْلُ يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ
مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ.
أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ
هذَا، أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟»
أَجَابَ يَسُوعُ: «مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ
هذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ
خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلكِنِ الآنَ
لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا
أَجَابَ يَسُوعُ:
«أَنْتَ تَقُولُ: إِنِّي مَلِكٌ. لِهذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا،
وَلِهذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ
مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي
أَجَابَ يَسُوعُ: « لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ
سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ، لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ. لِذلِكَ
الَّذِي أَسْلَمَنِي إِلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ».
فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ
الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا
ابْنُكِ
ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ»..
قَالَ: «أَنَا عَطْشَانُ.
فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ
أُكْمِلَ»..
قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا
تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ
قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ».
قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي
لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي
لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ
جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ، وَقَالَ
لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!»
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «سَلاَمٌ
لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا
وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ:
«اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ.
مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ،
وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ
فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ،
وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ
ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى
هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ
غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا
تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «يَا غِلْمَانُ
أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَامًا؟»
فَقَالَ لَهُمْ: «أَلْقُوا الشَّبَكَةَ إِلَى
جَانِبِ السَّفِينَةِ الأَيْمَنِ فَتَجِدُوا»..
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «قَدِّمُوا مِنَ السَّمَكِ
الَّذِي أَمْسَكْتُمُ الآنَ
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلُمُّوا تَغَدَّوْا!».
فَبَعْدَ مَا تَغَدَّوْا قَالَ يَسُوعُ
لِسِمْعَانَ بُطْرُسَ: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ
هؤُلاَءِ؟»
قَالَ لَهُ: «ارْعَ خِرَافِي.
قَالَ لَهُ أَيْضًا ثَانِيَةً: «يَا سِمْعَانُ
بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟»
قَالَ لَهُ: «ارْعَ غَنَمِي
قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: «يَا سِمْعَانُ بْنَ
يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «ارْعَ غَنَمِي
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لَمَّا كُنْتَ
أَكْثَرَ حَدَاثَةً كُنْتَ تُمَنْطِقُ ذَاتَكَ وَتَمْشِي حَيْثُ تَشَاءُ. وَلكِنْ
مَتَى شِخْتَ فَإِنَّكَ تَمُدُّ يَدَيْكَ وَآخَرُ يُمَنْطِقُكَ، وَيَحْمِلُكَ
حَيْثُ لاَ تَشَاءُ
قَالَ هذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ
مُزْمِعًا أَنْ يُمَجِّدَ اللهَ بِهَا. وَلَمَّا قَالَ هذَا قَالَ لَهُ:
اتْبَعْنِي
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ
أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ، فَمَاذَا لَكَ؟ اتْبَعْنِي أَنْت